responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون    جلد : 1  صفحه : 179
متمّماته كوجود شخص مقطوع الأعضاء أو ظهوره عريانا بين النّاس وإذا كان وجود العصبيّة فقط من غير انتحال الخلال الحميدة نقصا في أهل البيوت والأحساب فما ظنّك بأهل الملك الّذي هو غاية لكلّ مجد ونهاية لكلّ حسب وأيضا فالسّياسة والملك هي كفالة للخلق وخلافة للَّه في العباد لتنفيذ أحكامه فيهم وأحكام الله في خلقه وعباده إنّما هي بالخير ومراعاة المصالح كما تشهد به الشّرائع وأحكام البشر إنّما هي من الجهل والشّيطان بخلاف قدرة الله سبحانه وقدره فإنّه فاعل للخير والشّرّ معا ومقدّرهما إذ لا فاعل سواه فمن حصلت له العصبيّة الكفيلة بالقدرة وأونست منه خلال الخير المناسبة لتنفيذ أحكام الله في خلقه فقد تهيّأ للخلافة في العباد وكفالة الخلق ووجدت فيه الصّلاحيّة لذلك. وهذا البرهان أوثق من الأوّل وأصحّ مبنى فقد تبيّن أنّ خلال الخير شاهدة بوجود الملك لمن وجدت له العصبيّة فإذا نظرنا في أهل العصبيّة ومن حصل لهم من الغلب على كثير من النّواحي والأمم فوجدناهم يتنافسون في الخير وخلاله من الكرم والعفو عن الزّلّات والاحتمال من غير القادر والقرى للضّيوف وحمل الكلّ [1] وكسب المعدم والصّبر على المكاره والوفاء بالعهد وبذل الأموال في صون الأعراض وتعظيم الشّريعة وإجلال العلماء الحاملين لها والوقوف عند ما يحدّدونه لهم من فعل أو ترك وحسن الظّنّ بهم واعتقاد أهل الدّين والتّبرّك بهم ورغبة الدّعاء منهم والحياء من الأكابر والمشايخ وتوقيرهم وإجلالهم والانقياد إلى الحقّ مع الدّاعي إليه وإنصاف المستضعفين من أنفسهم والتّبذّل [2] في أحوالهم والانقياد للحقّ والتّواضع للمسكين واستماع شكوى المستغيثين والتّديّن بالشّرائع والعبادات والقيام عليها وعلى أسبابها والتجافي عن الغدر والمكر والخديعة ونقض العهد وأمثال ذلك علمنا أنّ هذه خلق السّياسة قد حصلت لديهم واستحقّوا بها أن يكونوا ساسة لمن تحت أيديهم أو على العموم وأنّه خير ساقه الله تعالى إليهم مناسب

[1] الكل: اليتيم، من لا يقدر على القيام بشئون نفسه (قاموس) .
[2] التبذل: ترك التزين والتهيؤ بالهيئة الحسنى على جهة التواضع (قاموس) .
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون    جلد : 1  صفحه : 179
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست