نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 1 صفحه : 189
الفصل السابع والعشرون في أن العرب لا يحصل لهم الملك إلا بصبغة دينية من نبوة أو ولاية أو أثر عظيم من الدين على الجملة
والسّبب في ذلك أنّهم لخلق التّوحّش الّذي فيهم أصعب الأمم انقيادا بعضهم لبعض للغلظة والأنفة وبعد الهمّة والمنافسة في الرّئاسة فقلّما تجتمع أهواؤهم فإذا كان الدّين بالنّبوءة أو الولاية كان الوازع لهم من أنفسهم وذهب خلق الكبر والمنافسة منهم فسهل انقيادهم واجتماعهم وذلك بما يشملهم من الدّين المذهب للغلظة والأنفة الوازع عن التّحاسد والتّنافس فإذا كان فيهم النّبيّ أو الوليّ الّذي يبعثهم على القيام بأمر الله يذهب عنهم مذمومات الأخلاق ويأخذهم بمحمودها ويؤلّف كلمتهم لإظهار الحقّ تمّ اجتماعهم وحصل لهم التّغلّب والملك وهم مع ذلك أسرع النّاس قبولا للحقّ والهدى لسلامة طباعهم من عوج الملكات وبراءتها من ذميم الأخلاق إلّا ما كان من خلق التّوحّش القريب المعاناة المتهيّئ لقبول الخير ببقائه على الفطرة الأولى وبعده عمّا ينطبع في النّفوس من قبيح العوائد وسوء الملكات فإنّ كلّ مولود يولد على الفطرة كما ورد في الحديث وقد تقدّم. الفصل الثامن والعشرون في أن العرب أبعد الأمم عن سياسة الملك
والسّبب في ذلك أنّهم أكثر بداوة من سائر الأمم وأبعد مجالا في القفر وأغنى عن حاجات التّلول وحبوبها لاعتيادهم الشّظف وخشونة العيش فاستغنوا عن غيرهم فصعب انقياد بعضهم لبعض لإيلافهم ذلك وللتّوحّش ورئيسهم محتاج إليهم
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 1 صفحه : 189