نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 1 صفحه : 272
بالعدالة والنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يقول «خير النّاس قرني» [1] ثمّ الّذين يلونهم مرّتين أو ثلاثا ثمّ يفشو الكذب فجعل الخيرة وهي العدالة مختصّة بالقرن الأوّل والّذي يليه فإيّاك أن تعوّد نفسك أو لسانك التّعرّض لأحد منهم ولا يشوّش قلبك بالرّيب في شيء ممّا وقع منهم والتمس لهم مذاهب الحقّ وطرقه ما استطعت فهم أولى النّاس بذلك وما اختلفوا إلّا عن بيّنة وما قاتلوا أو قتلوا إلّا في سبيل جهاد أو إظهار حقّ واعتقد مع ذلك أنّ اختلافهم رحمة لمن بعدهم من الأمّة ليقتدي كلّ واحد بمن يختاره منهم ويجعله إمامه وهاديه ودليله فافهم ذلك وتبيّن حكمة الله في خلقه وأكوانه واعلم أنّه على كلّ شيء قدير وإليه الملجأ والمصير والله تعالى أعلم.
الفصل الحادي والثلاثون في الخطط الدينية الخلافية
لمّا تبيّن أنّ حقيقة الخلافة نيابة عن صاحب الشّرع في حفظ الدّين وسياسة الدّنيا فصاحب الشّرع متصرّف في الأمرين أمّا في الدّين فبمقتضى التّكاليف الشّرعيّة الّذي هو مأمور بتبليغها وحمل النّاس عليها وأمّا سياسة الدّنيا فبمقتضى رعايته لمصالحهم في العمران البشريّ وقد قدّمنا أنّ هذا العمران ضروريّ للبشر وأنّ رعاية مصالحه كذلك لئلّا يفسد إن أهملت وقدّمنا أنّ الملك وسطوته كاف في حصول هذه المصالح.
نعم إنّما تكون أكمل إذا كانت بالأحكام الشّرعيّة لأنّه [2] أعلم بهذه المصالح [1] (ورد في لسان العرب قول الأزهري: والّذي يقع عندي. والله أعلم. ان القرن) هل كل مدة كان فيها، أو كان فيها طبقة من أهل العلم، قلت السنون أو كثرت والدليل على هذا قول النبي صلّى الله عليه وسلّم «خيركم قرني، يعني أصحابي ثم الذين يلونهم، يعني التابعين، ثم الذين يلونهم، يعني الذين أخذوا عن التابعين» قال: وجائز أن يكون القرن لجملة الأمة، وهؤلاء قرون فيها. [2] الضمير يعود إلى الله تعالى.
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 1 صفحه : 272