نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 1 صفحه : 347
والنّفقات وقصّر الحاصل من جبايتها على الوفاء بحاجاتها ونفقاتها واحتاجت إلى مزيد المال والجباية فتارة توضع المكوس على بياعات الرّعايا وأسواقهم كما قدّمنا ذلك في الفصل قبله وتارة بالزّيادة في ألقاب المكوس إن كان قد استحدث من قبل وتارة بمقاسمة العمّال والجباة وامتكاك [1] عظامهم لما يرون أنّهم قد حصلوا على شيء طائل من أموال الجباية لا يظهره الحسبان وتارة باستحداث التّجارة والفلاحة للسّلطان على تسمية الجباية لما يرون التّجّار والفلّاحين يحصلون على الفوائد والغلّات مع يسارة [2] أموالهم وأنّ الأرباح تكون على نسبة رءوس الأموال فيأخذون في اكتساب الحيوان والنّبات لاستغلاله في شراء البضائع والتّعرّض بها لحوالة الأسواق ويحسبون ذلك من إدرار الجباية وتكثير الفوائد وهو غلط عظيم وإدخال الضّرر على الرّعايا من وجوه متعدّدة فأوّلا مضايقة الفلّاحين والتّجّار في شراء الحيوان والبضائع وتيسير أسباب ذلك فإنّ الرّعايا متكافئون في اليسار متقاربون ومزاحمة بعضهم بعضا تنتهي إلى غاية موجودهم أو تقرب وإذا رافقهم السّلطان في ذلك وماله أعظم كثيرا منهم فلا يكاد أحد منهم يحصل على غرضه في شيء من حاجاته ويدخل على النفوس من ذلك غمّ ونكد ثمّ إنّ السّلطان قد ينتزع الكثير من ذلك إذا تعرّض له غضّا أو بأيسر ثمن أو لا يجد من يناقشه في شرائه فيبخس ثمنه على بائعه ثمّ إذا حصل فوائد الفلاحة ومغلّها كلّه من زرع أو حرير أو عسل أو سكّر أو غير ذلك من أنواع الغلّات وحصلت بضائع التّجارة من سائر الأنواع فلا ينتظرون به حوالة الأسواق ولا نفاق البياعات لما يدعوهم إليه تكاليف الدّولة فيكلّفون أهل تلك الأصناف من تاجر أو فلّاح بشراء تلك البضائع ولا يرضون في أثمانها إلّا القيم وأزيد فيستوعبون في ذلك ناضّ [3] أموالهم وتبقى تلك البضائع بأيديهم عروضا جامدة ويمكثون عطلا من الإدارة [1] متك الشيء حطّمه وكسّره والمعنى هنا مجاز. [2] قلة. [3] ناض: الدرهم والدينار ويقال استخلصه منه نضا أي نقدا (المنجد) .
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 1 صفحه : 347