نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 1 صفحه : 526
انتهى ما نقله ابن الأبار في كتاب التّكملة. وزاد في آخره: حدّثني بذلك أبو بكر بن أبي حميره في كتابه عن أبي بحر بن العاص عن أبي الوليد الوقشي عن أبي عمر الطلعنكي بن أبي عبد الله بن مفرح. ومن خطّه نقلته عن أبي سعيد بن يونس عن محمّد بن موسى بن النعمان عن يحيى بن محمّد بن حشيش بن عمر بن أيوب المغافري التّونسي عن بهلول بن عبيدة الحمّي عن عبد الله بن فرّوخ. انتهى.
وكان لحمير كتابة تسمّى المسند حروفها منفصلة وكانوا يمنعون من تعلّمها إلّا بإذنهم. ومن حمير تعلّمت مضر الكتابة العربيّة إلّا أنّهم لم يكونوا مجيدين لها شأن الصّنائع إذا وقعت بالبدو فلا تكون محكمة المذاهب ولا مائلة إلى الإتقان والتّنميق لبون ما بين البدو والصّناعة واستغناء البدو عنها في الأكثر. وكانت كتابة العرب بدويّة مثل كتابتهم أو قريبا من كتابتهم لهذا العهد أو نقول إنّ كتابتهم لهذا العهد أحسن صناعة لأنّ هؤلاء أقرب إلى الحضارة ومخالطة الأمصار والدّول. وأمّا مضر فكانوا أعرق في البدو وأبعد عن الحضر من أهل اليمن وأهل العراق وأهل الشّام ومصر فكان الخطّ العربيّ لأوّل الإسلام غير بالغ إلى الغاية من الإحكام والإتقان والإجادة ولا إلى التّوسّط لمكان العرب من البداوة والتوحّش وبعدهم عن الصّنائع، وانظر ما وقع لأجل ذلك في رسمهم المصحف حيث رسمه الصّحابة بخطوطهم وكانت غير مستحكمة في الإجادة فخالف الكثير من رسومهم ما اقتضته أقيسة رسوم صناعة الخطّ عند أهلها. ثمّ اقتفى التّابعون من السّلف رسمهم فيها تبرّكا بما رسمه أصحاب الرّسول صلّى الله عليه وسلّم وخير الخلق من بعده المتلقّون لوحيه من كتاب الله وكلامه. كما يقتفي لهذا العهد خطّ وليّ أو عالم تبرّكا ويتبع رسمه خطأ أو صوابا. وأين نسبة ذلك من الصّحابة فيما كتبوه فاتّبع ذلك وأثبت رسما ونبّه العلماء بالرّسم على مواضعه. ولا تلتفتنّ في ذلك إلى ما يزعمه بعض المغفّلين من أنّهم كانوا محكمين لصناعة الخطّ وأنّ ما يتخيّل
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 1 صفحه : 526