نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 1 صفحه : 553
عليه ما قصده من الاختصار وليكون أسهل للحفظ لأجل نظمها. فاستوعب فيها الفنّ استيعابا حسنا وعني النّاس بحفظها وتلقينها للولدان [1] المتعلّمين وجرى العمل على ذلك في أمصار المغرب والأندلس. وربّما أضيف إلى فنّ القراءات فنّ الرّسم أيضا وهي أوضاع حروف القرآن في المصحف ورسومه الخطّيّة لأنّ فيه حروفا كثيرة وقع رسمها على غير المعروف من قياس الخطّ كزيادة الياء في بأييد وزيادة الألف في لا أذبحنّه ولا أوضعوا والواو في جزاء الظّالمين وحذف الألفات في مواضع دون أخرى وما رسم فيه من التّاءات ممدودا، والأصل فيه مربوط على شكل الهاء وغير ذلك وقد مرّ تعليل هذا الرّسم المصحفيّ عند الكلام في الخطّ.
فلمّا جاءت هذه المخالفة لأوضاع الخطّ وقانونه احتيج إلى حصرها، فكتب النّاس فيها أيضا عند كتبهم في العلوم. وانتهت بالمغرب إلى أبي عمر الدّانيّ المذكور فكتب فيها كتبا من أشهرها: كتاب المقنع وأخذ به النّاس وعوّلوا عليه. ونظمه أبو القاسم الشّاطبيّ في قصيدته المشهورة على رويّ الرّاء وولع النّاس بحفظها. ثمّ كثر الخلاف في الرّسم في كلمات وحروف أخرى، ذكرها أبو داود سليمان بن نجاح من موالي مجاهد في كتبه وهو من تلاميذ [2] أبي عمرو الدّانيّ والمشتهر بحمل علومه ورواية كتبه ثمّ نقل بعده خلاف آخر فنظم الخرّاز من المتأخّرين بالمغرب أرجوزة أخرى زاد فيها على المقنع خلافا كثيرا، وعزاه لناقليه، واشتهرت بالمغرب، واقتصر النّاس على حفظها. وهجروا بها كتب أبي داود وأبي عمرو والشّاطبيّ في الرّسم.
وأمّا التفسير.
فاعلم أنّ القرآن نزّل بلغة العرب وعلى أساليب بلاغتهم فكانوا كلّهم يفهمونه ويعلمون معانيه في مفرداته وتراكيبه. وكان ينزّل جملا جملا وآيات آيات لبيان التّوحيد والفروض الدّينيّة بحسب الوقائع. ومنها ما هو [1] وفي النسخة الباريسية: للولد. [2] وفي النسخة الباريسية: وهو تلميذ.
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 1 صفحه : 553