نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 1 صفحه : 724
ما قلناه أو يتحرّون بعلاجهم ذلك حصول صورة مزاجيّة لتلك المادّة تصيّرها كالخميرة فتفعل في الجسم المعالج الأفاعيل المطلوبة في إحالته وذلك هو الإكسير على ما تقدّم. واعلم أنّ كلّ متكوّن من المولّدات العنصريّة فلا بدّ فيه من اجتماع العناصر الأربعة على نسبة متفاوتة إذ لو كانت متكافئة في النّسبة لما تمّ امتزاجها فلا بدّ من الجزء الغالب على الكلّ. ولا بدّ في كلّ ممتزج من المولّدات من حرارة غريزيّة هي الفاعلة لكونه الحافظة لصورته. ثمّ كلّ متكوّن في زمان فلا بدّ من اختلاف أطواره وانتقاله في زمن التّكوين من طور إلى طور حتّى ينتهي إلى غايته. وانظر شأن الإنسان في طور النّطفة ثمّ العلقة ثمّ المضغة ثمّ التّصوير ثمّ الجنين ثمّ المولود ثمّ الرّضيع ثمّ إلى نهايته. ونسب الأجزاء في كلّ طور تختلف في مقاديرها وكيفيّاتها وإلّا لكان الطّور الأوّل بعينه هو الآخر وكذا الحرارة الغريزيّة في كلّ طور مخالفة لها في الطّور الآخر. فانظر إلى الذّهب ما يكون له في معدنه من الأطوار منذ ألف سنة وثمانين وما ينتقل فيه من الأحوال فيحتاج صاحب الكيمياء إلى أن يساوق فعل الطّبيعة في المعدن ويحاذيه بتدبيره وعلاجه إلى أن يتمّ. ومن شرط الصّناعة أبدا تصوّر ما يقصد إليه بالصّنعة فمن الأمثال السّائرة للحكماء أوّل العمل آخر الفكرة وآخر الفكرة أوّل العمل. فلا بدّ من تصوّر هذه الحالات للذّهب في أحواله المتعدّدة ونسبها المتفاوتة في كلّ طور واختلاف الحارّ الغريزيّ عند اختلافها ومقدار الزّمان في كلّ طور وما ينوب عنه من مقدار القوى المضاعفة ويقوم مقامه حتّى يحاذي بذلك كلّه فعل الطّبيعة في المعدن أو تعدّ لبعض الموادّ صورة مزاجيّة كصورة الخميرة للخبز وتفعل في هذه المادّة بالمناسبة لقواها ومقاديرها. وهذه كلّها إنّما يحصرها العلم المحيط والعلوم البشريّة قاصرة عن ذلك وإنّما حال من يدّعي حصوله على الذّهب بهذه الصّنعة بمثابة من يدّعي بالصّنعة تخليق إنسان من المنيّ. ونحن إذا سلّمنا له الإحاطة بأجزائه ونسبته وأطواره وكيفيّة تخليقه في رحمه وعلم ذلك علما
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 1 صفحه : 724