نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 1 صفحه : 786
الأسلوب عند أهل هذه الصّناعة وما يريدون بها في إطلاقهم. فاعلم أنّها عبارة عندهم عن المنوال الّذي ينسج فيه التّراكيب أو القالب الّذي يفرغ به. ولا يرجع إلى الكلام باعتبار إفادته أصل [1] المعنى الّذي هو وظيفة الإعراب ولا باعتبار إفادته كمال [2] المعنى من خواصّ التّراكيب الّذي هو وظيفة البلاغة والبيان ولا باعتبار الوزن كما استعمله العرب فيه الّذي هو وظيفة العروض. فهذه العلوم الثّلاثة خارجة عن هذه الصّناعة الشّعريّة وإنّما يرجع إلى صورة ذهنيّة للتّراكيب المنتظمة كلّيّة باعتبار انطباقها على تركيب خاصّ. وتلك الصّورة ينتزعها الذّهن من أعيان التّراكيب وأشخاصها ويصيّرها في الخيال كالقالب أو المنوال ثمّ ينتقي التّراكيب الصّحيحة عند العرب باعتبار الإعراب والبيان فيرصّها فيه رصّا كما يفعله البنّاء في القالب أو النّسّاج في المنوال حتّى يتّسع القالب بحصول التّراكيب الوافية بمقصود الكلام ويقع على الصّورة الصّحيحة باعتبار ملكة اللّسان العربيّ فيه فإنّ لكلّ فنّ من الكلام أساليب تختصّ به وتوجد فيه على أنحاء مختلفة فسؤال الطّلول في الشّعر يكون بخطاب الطّلول كقوله: «يا دار ميّة بالعلياء فالسّند» ويكون باستدعاء الصّحب للوقوف والسّؤال كقوله: «قفا نسأل الدّار الّتي خفّ أهلها» . أو باستبكاء الصّحب على الطلل كقوله: «قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل» . أو بالاستفهام عن الجواب لمخاطب غير معيّن كقوله: «ألم تسأل فتخبرك الرّسوم» . ومثل تحيّة الطّلول بالأمر لمخاطب غير معيّن بتحيّتها كقوله: «حيّ الدّيار بجانب الغزل» [3] . أو بالدّعاء لها بالسّقيا كقوله:
أسقى طلولهم أجشّ هزيم ... وغدت عليهم نضرة [4] ونعيم
أو سؤاله السّقيا لها من البرق كقوله: [1] وفي نسخة أخرى: كمال. [2] وفي نسخة أخرى: أصل. [3] وفي النسخة الباريسية: حي الدار بجانب العزل. [4] وفي النسخة الباريسية: روضة.
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 1 صفحه : 786