رسول الله صلى الله عليه وسلم"، حتى كتب عمر إلى عامل العراق أن يبعث إليه رجلين جلدين يسألهما عن العراق وأهله، فبعث إليه لبيد بن ربيعة، وعدي بن حاتم، فقدما المدينة، ودخلا، فوجدا عمرو بن العاص، فقالا: استأذن لنا على أمير المؤمنين فقال عمرو: أنتما والله أصبتما اسمه، فدخل عليه عمرو فقال: السلام عليك يا أمير المؤمين! فقال: ما بدا لك في هذا الاسم؟ لتخرجن مما قلت، فأخبره، وقال: أنت الأمير ونحن المؤمنون، فجرى الكتاب بذلك من يومئذ[1].
وقال النووي في تهذيبه: سماه بهذا الاسم عدي بن حاتم ولبيد بن ربيعة حين وفدا عليه من العراق، وقيل: سماه به المغيرة بن شعبة، وقيل: إن عمر قال للناس: أنتم المؤمنون وأنا أميركم، فسمي أمير المؤمنين، وكان قبل ذلك يقال له: خليفة خليفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فعدلوا عن تلك العبارة لطولها.
وأخرج ابن عساكر عن معاوية بن قرة قال: كان يكتب: من أبي بكر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما كان عمر بن الخطاب أرادوا أن يقولوا: خليفة خليفة رسول الله، قال عمر: هذا يطول، قالوا: لا، ولكنا أمرناك علينا، فأنت أميرنا، قال: نعم، أنتم المؤمنون وأنا أميركم فكتب: أمير المؤمنين.
وأخرج البخاري في تاريخه، عن ابن المسيب قال: أول من كتب التاريخ عمر بن الخطاب لسنتين ونصف من خلافته، فكتب لست عشرة من الهجرة بمشورة علي.
وأخرج السلفي في الطيوريات بسند صحيح، عن ابن عمر، عن عمر: أنه أراد أن يكتب السنن، فاستخار الله شهرًا فأصبح وقد عزم له، ثم قال: إني ذكرت قومًا كانوا قبلكم كتبوا كتابًا، فأقبلوا عليه وتركوا كتاب الله.
وأخرج ابن سعد عن شداد قال: كان أول كلام تكلم به عمر حين صعد المنبر أن قال:
اللهم إني شديد فليني، وإني ضعيف فقوني، وإني بخيل فسخني.
وأخرج ابن سعد وسعيد بن منصور وغيرهما من طرق، عن عمر أنه قال: إني أنزلت نفسي من مال الله منزلة والي اليتيم من ماله: إن أيسرت استعففت، وإن افتقرت أكلت بالمعروف، فإن أيسرت قضيت.
وأخرج ابن سعد عن ابن عمر: أن عمر بن الخطاب كان إذا احتاج أتى صاحب البيت، فاستقرضه، فربما أعسر فيأتيه صاحب المال يتقاضاه فيلزمه، فيحتال له عمر، وربما خرج عطاؤه، فقضاه[2].
وأخرج ابن سعد عن البراء بن معرور، أن عمر خرج يومًا حتى أتى المنبر، وكان قد اشتكى شكوى، فنعت له العسل، وفي بيت المال عكة[3]، فقال: إن أذنتم لي فيها أخذتها، وإلا فهي حرام علي، فأذنوا له[4]. [1] أخرجه الحاكم في المستدرك "3/ 81، 82"، وسكت عليه الحاكم، وقال الذهبي: صحيح. [2] أخرجه ابن سعد "238/2". [3] هي وعاء من جلد مستدير، يختص جسمها وهو بالسمن أخص. النهاية "284/3". [4] أخرجه ابن سعد 240/2