وقال منصور بن مزاحم ومحمد بن يحيى بن حمزة، عن يحيى بن حمزة قال: صلى بنا المهديّ المغرب فجهر ببسم الله الرحمن الرحيم، فقلت: يا أمير المؤمنين ما هذا؟ قال: حدثني أبي عن أبيه عن ابن إسحاق: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- جهر ببسم الله الرحمن الرحيم، فقلت للمهدي: نأثره عنك؟ قال: نعم.
قال الذهبي: هذا إسناد متصل، لكن ما علمت أحدًا احتج بالمهدي ولا بأبيه في الأحكام، تفرد به محمد بن الوليد مولى بني هاشم.
وقال ابن عدي: كان يضع الحديث.
قلت: لم ينفرد به، بل وجدت له متابعًا.
مات في أيام المهدي من الأعلام: شعبة، وابن أبي ذئب، وسفيان الثوري، وإبراهيم بن أدهم الزاهد، وداود الطائي الزاهد، وبشار بن برد أول شعراء المحدثين، وحماد بن سلمة، وإبراهيم بن طهمان، والخليل بن أحمد صاحب العروض.
الهادي أبو محمد، موسى بن المهدي1
الهادي أبو محمد موسى بن المهدي بن المنصور، وأمه أم ولد بربرية اسمها الخيزران؛ ولد بالري سنة سبع وأربعين ومائة، وبويع بالخلافة بعد أبيه بعهد منه.
قال الخطيب: ولم يل الخلافة قبله أحد في سنه، فأقام فيها سنة وأشهرًا، وكان أبوه أوصاه بقتل الزنادقة، فجدّ في أمرهم، وقتل منهم خلقًا كثيرًا؛ وكان يسمّى موسى أطبق؛ لأن شفته العليا كانت تقلص، فكان أبوه وكّل به في صغره خادمًا كلما رآه مفتوح الفم قال: موسى أطبق، فيفيق على نفسه ويضم شفتيه، فشهر بذلك.
قال الذهبي: وكان يتناول المسكر، ويلعب، ويركب حمارًا فارهًا، ولا يقيم أبهة الخلافة، وكان مع هذا فصيحًا، قادرًا على الكلام، أديبًا، تعلوه هيبة وله سطوة وشهامة.
وقال غيره: كان جبارًا، وهو أول من مشت الرجال بين يديه بالسيوف المرهفة، والأعمدة، والقسيّ الموترة؛ فاتبعه عماله به في ذلك، وكثر السلاح في عصره.
مات في ربيع الآخر سنة سبعين ومائة؛ واختلف في سبب موته؛ فقيل: إنه دفع نديمًا له من جرف على أصول قصب قد قطع فتعلق النديم به فوقع فدخلت قصبة في منخره، فماتا جميعًا.
وقيل: أصابته قرحة في جوفه.
وقيل: سمته أمه الخيزران لما عزم على قتل الرشيد ليعهد إلى ولده.
وقيل: كانت أمه حاكمة مستبدة بالأمور الكبار، وكانت المواكب تغدو إلى بابها، فزجرهم عن ذلك، وكلمها بكلام وقح، وقال: لئن وقف ببابك أمير لأضربن عنقه! أما
1 تولى الخلافة 169هـ وحتى 170هـ.