وقال الصولي: حدثنا جعفر الطيالسي، حدثنا يحيى بن معين، قال: خطبنا المأمون ببغداد يوم الجمعة، ووافق يوم عرفة، فلما سلم كبر الناس، فأنكر التكبير ثم وثب حتى أخذ بخشب المقصورة وقال: يا غوغاء، ما هذا التكبير في غير أيامه؟ حدثنا هشيم، عن مجالد، عن الشعبي، عن ابن عباس: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما زال يلبي حتى رمى جمرة العقبة والكبير في غد ظهرًا عند انقضاء التلبية إن شاء الله تعالى.
وقال الصولي: حدثنا أبو القاسم البغوي، حدثنا أحمد بن إبراهيم الموصلي، قال: كنا عند المأمون، فقام إليه رجل، فقال: يا أمير المؤمنين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الخلق عيال الله، فأحب عباد الله إلى الله -عز وجل- أنفعهم لعياله" [1]. فصاح المأمون، وقال: اسكت، أنا أعلم بالحديث منك، حدثنيه يوسف بن عطية الصفار، عن ثابت، عن أنس: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "الخلق عيال الله، فأحب عباد الله أنفعهم لعياله". أخرجه من هذا الطريق ابن عساكر، وأخرجه أبو يعلى الموصلي في مسنده وغيره من طرق عن يوسف بن عطية.
وقال الصولي: حدثنا المسيح بن حاتم العكلي، حدثنا عبد الجبار بن عبد الله، قال: سمعت المأمون يخطب، فذكر في خطبته الحياء فوصفه ومدحه، ثم قال: حدثنا هشيم، عن منصور، عن الحسن، عن أبي بكرة وعمران بن حصين قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الحياء من الإيمان، والإيمان في الجنة، والبذاء من الجفاء: والجفاء في النار" [2]. أخرجه ابن عساكر من طريق يحيى بن أكثم عن المأمون.
وقال الحاكم: حدثنا الحسين بن تميم، حدثنا الحسين بن فهم، حدثنا يحيى بن أكثم القاضي، قال: قال لي المأمون يومًا: يا يحيى، إني أريد أن أحدث، فقلت: ومن أولى بهذا من أمير المؤمنين؟ فقال: ضعوا لي منبرًا فصعد وحدث، فأول حديث حدثنا به: عن هشيم، عن أبي الجهم، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "امرؤ القيس صاحب لواء الشعراء إلى النار".
ثم حدث بنحو من ثلاثين حديثًا، ثم نزل، فقال لي: يا يحيى، كيف رأيت مجلسنا؟ قلت: أجل مجلس يا أمير المؤمنين، تفقه الخاصة والعامة، فقال: لا وحياتك ما رأيت لكم حلاوة، وإنما المجلس لأصحاب الخلقان والمحابر[3].
وقال الخطيب: حدثنا أبو الحسن علي بن القاسم الشاهد، حدثنا أبو علي الحسن بن محمد بن عثمان، حدثنا الحسين بن عبيد الله الأبزاري، حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري، قال: لما فتح المأمون مصر قال له قائل: الحمد لله يا أمير المؤمنين الذي كفاك أمر عدوك، وأدان لك العراقين والشامات ومصر، وأنت ابن عم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال له: ويحك! إلا أنه بقيت لي خلة، وهو أن أجلس في مجلس ويستملي يحيى فيقول لي: من ذكرت رضي [1] أخرجه ابن عدي "154،153/7". [2] أخرجه ابن عساكر "294/245/4". [3] الخلقان: جمع خلق وهو البالي ومنه ثوب خلق. مختار الصحاح "187".