وقال الذهبي: في شوال من سنة ولايته عقد مجلس عظيم، وحلف القادر وبهاء الدولة كل منهما لصاحبه بالوفاء، وقلده القادر ما وراء بابه مما تقام فيه الدعوة.
وفيها دعا صاحب مكة أبو الفتوح الحسن بن جعفر العلوي إلى نفسه، وتلقب بالراشد بالله، وسلم عليه بالخلافة، فانزعج صاحب مصر، ثم ضعف أمر أبي الفتوح وعاد إلى طاعة العزيز العبيدي.
وفي سنة اثنتين وثمانين ابتاع الوزير أبو نصر سابور بن أزدشير دارًا بالكرخ وعمرها وسماها دار العلم، ووقفها على العلماء، ووقف بها كتبًا كثيرة.
وفي سنة أربع وثمانين عاد الحاج العراقي من الطريق، واعترضهم الأصيفر الأعرابي، ومنعهم الجواز، إلا برسمه، فعادوا ولم يحجوا، ولا حج أيضًا أهل الشام ولا اليمن، إنما حج أهل مصر.
وفي سنة سبع وثمانين مات السلطان فخر الدولة، وأقيم ابنه رستم مقامه في السلطنة بالري وأعمالها، وهو ابن أربع سنين ولقبه القادر: مجد الدولة.
وقال الذهبي: ومن الأعجوبات هلاك تسعة ملوك على نسق في سنتي سبع وثمانين وثمانٍ وثمانين: منصور بن نوح ملك ما وراء النهر، وفخر الدولة ملك الري والجبال، والعزيز العبيدي صاحب مصر، وفيهم يقول أبو منصور عبد الملك الثعالبي:
ألم ترَ مذ عامين أملاك عصرنا ... يصيح بهم للموت والقتل صائح
فنوح بن منصور طوته يد الردى ... على حسرات ضمنتها الجوانح
ويا بؤس منصور، ففي يوم سرخس ... تمزق عنه ملكه وهو طائح
وفرق عنه الشمل بالسمل، واغتدى ... أميرًا ضريرًا تعتريه الجوائح
وصاحب مصر قد مضى بسبيله ... ووالي الجبال غيبته الضرائح
وصاحب جرجانية في ندامة ... ترصده طرف من الحين طامح
وخوارزم شاه شاه وجه نعيمه ... وعن له يوم من النحس طالح
وكان علا في الأرض يخطبها أبو ... علي إلى أن طوحته الطوائح
وصاحب بست ذلك الضيغم الذي ... براثنه للمشرقين مفاتح
أناخ به من صدمة الدهر كلكل ... فلم تغن عنه والمقدر سافح
جيوش إذا أربت على عدد الحصى ... تغص بها قيعانها والصحاصح
ودارت على صمصام دولة بويه ... دوائر سوء سلبهن فوادح
وقد جاز والي الجوزجان قناطر الـ ... ـحياة فوافته المنايا الطوامح
وذكر الذهبي أن العزيز صاحب مصر مات سنة ست وثمانين، وفتحت له -زيادة على آبائه- حمص، وحماة، وحلب، وخطب له بالموصل، وباليمن، وضرب اسمه فيها على السكة والأعلام، وقام بالأمر بعده ابنه منصور ولقب: الحاكم بأمر الله.