فلان المخزومي، فقلت له: أرغبت عن دين آبائك واتبعت دين محمد؟ فقال: إن فعلت فقد فعله من هو أعظم عليك حقًّا مني، قلت: ومن هو؟ قال: أختك وختنك، فانطلقت، فوجدت الباب مغلقًا، وسمعت همهمة ففتح لي الباب، فدخلت، فقلت: ما هذا الذي أسمع عندكم؟ قالوا: ما سمعت شيئًا، فما زال الكلام بيننا حتى أخذت برأس ختني، فضربته ضربة فأدميته، فقامت إلي أختي فأخذت برأسي، وقالت: قد كان ذلك على رغم أنفك، فاستحييت حين رأيت الدماء، فجلست وقلت: أروني هذا الكتاب، فقالت أختي: إنه لا يمسه إلا المطهرون، فإن كنت صادقًا فقم واغتسل، فقمت واغتسلت وجئت فجلست فأخرجوا إلي صحيفة فيها: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} فقلت: أسماء طيبة طاهرة: {طه، مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى} [طه: [1]، [2]] إلى قوله: {لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} قال: فتعظمت في صدري، وقلت: من هذا فرت قريش، فأسلمت وقلت: أين رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: فإنه في دار الأرقم، فأتيت الدار، فضربت الباب، فاستجمع القوم، فقال لهم حمزة: ما لكم؟ قالوا: عمر، قال: وإن كان عمر، افتحوا له الباب، فإن أقبل قبلنا منه، وإن أدبر قتلناه، فسمع ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فخرج فتشهد عمر، فكبر أهل الدار تكبيرة سمعها أهل مكة، قلت: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ألسنا على حق؟ قال: "بلى" قلت: ففيم الإخفاء؟ فخرجنا صفين أنا في أحدهما وحمزة في الآخر حتى دخلنا المسجد، فنظرت قريش إليّ وإلى حمزة، فأصابتهم كآبة شديدة، لم يصبهم من قبل مثلها، فسماني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الفاروق يومئذ؛ لأنه أظهر الإسلام وفرق بين الحق والباطل[1].
وأخرج ابن سعد عن ذكوان قال: قلت لعائشة: من سَمّى عمر الفاروق؟ قالت: النبي صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن ماجه والحاكم عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: لما أسلم عمر نزل جبريل، فقال: يا محمد! لقد استبشر أهل السماء بإسلام عمر[2].
وأخرج البزار والحاكم وصححه ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: لما أسلم عمر قال المشركون: قد انتصف القوم اليوم منا، وأنزل الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنْ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِين} [الأنفال: 64] .
وأخرج البخاري عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر[3].
وأخرج ابن سعد والطبراني عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: كان إسلام عمر فتحًا، وكانت هجرته نصرًا، وكانت إمامته رحمة، ولقد رأيتنا وما نستطيع أن نصلي إلى البيت حتى [1] أخرجه أبو نعيم في الحلية "40/1". [2] أخرجه ابن ماجه "103/1"، والحاكم في المستدرك "84/3"، وقال الحاكم: صحيح، وقال الذهبي: عبد الله ضعفه الدارقطني. [3] أخرجه البخاري "3684/7".