نام کتاب : دراسات في تاريخ العرب القديم نویسنده : محمد بيومى مهران جلد : 1 صفحه : 150
وقصة القبيلتين العربيتين -كما يقدمها الأخباريون- تذهب إلى أن الغلبة إنما كانت من نصيب "طسم"، وأن أولي الأمر وأصحاب السطوة، إنما كانوا منها كذلك، ومرت الأيام وانتهى الملك في طسم إلى رجل ظلوم غشوم، استذل جديس وانتهك أعراضها، حتى جعل سنته السيئة، ألا تزف البكر من جديس إلى بعلها، قبل أن يقضي منها وطره، إلى أن كان يوم زفت فيه امرأة من جديس تدعى "الشموس" "عفيرة بنت غفار بن جديس" إلى رجل من قومها، وعندما حملت إلى ملك طسم ليفترعها أولًا، سمعت من عبيده ما مس كرامتها، وأهان شرفها، فخرجت من فراش ملك طسم ودمها يسيل، وقد شقت ثوبها من خلف ومن قدام، ثم أخذت تنشد شعرًا في قصيدة طويلة، تثير به نخوة قومها.
وتستمر الأقصوصة، فتذهب إلى أن أخا الشموس "الأسود بن غفار بن جديس" سيد قومه وصاحب الرأي فيهم، قد تحركت نخوته، كما أحس المذلة قومه من جديس، فاتفق القوم على ملك طسم، ومن ثم فقد نصبوا له ولخاصة قومه الشباك، وكتب لهم في مهمتهم هذه نجحا بعيد المدى، واستطاع رجل من طسم أن يفر من المذبحة، وأن يستنجد بحسان بن تبع ملك حمير، الذي يعد جيشًا كثيفًا، بغية أن يقضي به على جديس، وبينما كان هذا الجيش العرمرم على مبعدة ثلاثة أيام من اليمامة، يخبر هذا المستجير -ويسمونه رباح بن مرة- ملك حمير، أن له أختًا في جديس ترى على مسيرة ثلاثة أيام، وأنه يخشى أن تراهم فتحذر القوم منهم، ومن ثم فإنه يقترح أن يحمل كل جندي فرعًا من شجرة كبيرة يستتر وراءها، حتى يستطيعوا أن يفجئوا جديسًا قبل أن يتحوطوا للقائهم.
وتطلعت أخت الطسمي -وتدعى زرقاء اليمامة- إلى ناحية الجنوب الغربي، وصاحت في جديس تحذرهم من حمير، فهي ترى شجرًا يتحرك ومن ورائه جنودًا تحمل سلاحًا، ولكن القوم ظنوا بها الظنون فلم يصدقوها، حتى حلت الكارثة، فأبيد الرجال، وسبيت النساء، وقتلت الأطفال، وهدمت البيوت والحصون، وفقئت عيني الزرقاء، وتغير اسم مساكن طسم وجديس من "جو" إلى اليمامة، وهكذا كان فناء جديس على يد الحميريين، ومن ثم فقد لحق القومان "طسم وجديس" بعاد وثمود، وصاروا من العرب البائدة[1]. [1] تاريخ الطبري 1/ 629-632، المسعودي: مروج الذهب 2/ 111-119، أخبار الزمان ص124-126، ابن الأثير 1/ 350-354، تاريخ ابن خلدون 2/ 24-25، جرجي زيدان: المرجع السابق ص69-70، المقدسي: البدء والتأريخ 3/ 28-29، المعارف ص274-275 البكري 2/ 407، أخبار عبيد بن شريه ص483-488، الأخبار الطوال ص14-16، ياقوت 5/ 442-447، سعد زغلول المرجع السابق ص123-124، مبروك نافع: المرجع السابق ص37-39، محمد أحمد جاد المولى وآخرون: أيام العرب في الجاهلية ص396-398.
نام کتاب : دراسات في تاريخ العرب القديم نویسنده : محمد بيومى مهران جلد : 1 صفحه : 150