نام کتاب : دراسات في تاريخ العرب القديم نویسنده : محمد بيومى مهران جلد : 1 صفحه : 158
تجعل "يعرب بن قحطان" أول الناطقين بالعربية فحسب، وإنما تجعل السريانية أقدم من العربية، وذلك حين جعلتها لغة الناس جميعًا، غير أن القوم قد انحرفوا إلى عبادة الأوثان، خنوعًا "للنمرود بن كوش بن كنعان بن حام" ملك بابل، وصاحب إبراهيم عليه السلام، ومن ثم فقد أصبح القوم ذات يوم، وقد بلبل الله ألسنتهم، فلا يفهم الواحد منهم الآخر، إذ "أصبح لبني سام ثمانية عشر لسانًا، ولبني حام ثمانية عشر لسانًا، ولبني يافث سنة وثلاثون لسانًا، ففهم الله العربية عادًا وعبيل وثمود وجديس عمليق وطسم وأميم وبني يقطن بن عابر بن شالح بن أرفخشد بن سام بن نوح"[1].
وهكذا فالرواية إذن لا تجعل شرف السبق في النطق بالعربية مقصورًا على "عمليق" وإنما شاركه فيه آخرون، ثم إنها تؤرخ للحادث بعهد "نمرود" صاحب إبراهيم عليه السلام وإبراهيم -كما هو معروف- لا يعده الإخباريون من العرب العاربة، فضلا عن أن يكون من أقدم العرب زمانًا،[2]، ومن ثم فكل من ذكرهم الإخباريون على أنهم أصحاب السبق في النطق بالعربية، تأتي هذه الرواية فتجعلهم لا ينطقون بها إلا على أيام النمرود، صاحب إبراهيم عليه السلام "1940-1765ق. م".
وأخيرًا، فالرواية تحريف لرواية توراتية، أراد كاتبها أن يقدم لنا تفسيرًا لاختلاف اللغات والأجناس[3] -كما فعلت الرواية العربية- فقدم لنا تفسيرًا ساذجًا غير علمي، ذهب فيه إلى أن الله سبحانه وتعالى قد رأى أن سلالة الناجين من الطوفان يبنون برجًا بغية الوصول إليه في علياء سمائه، وكانوا يحسبون السماء أشبه بلوح زجاج يعلو بضع مئات من الأمتار، فخشي شرهم واحتاط لنفسه فهبط الأرض وبلبل ألسنتهم، فتقرقوا شذر مذر، ومن ثم فقد سميت المدينة "بابل"، لأن الرب هناك بلبل لسان كل الأرض، ثم بددهم على وجه الأرض[4]، أضف [1] تاريخ الطبري 1/ 207-208، البكري 1/ 219، الأخبار الطوال ص2، المحبر ص382-385، أخبار الزمان للمسعودي ص204، 209، تاريخ الطبري 1/ 288-290، ابن الأثير 1/ 115، تاريخ الخميس ص95-96. [2] انظر: الفصل الرابع من كتابنا "دراسات في التاريخ القرآني"، كتابنا "إسرائيل" ص60-214 [3] تكوين 11: 1-9. [4] عصام حفني ناصف: محنة التوراة على أيدي ص42 وكذا تكوين 11: 1-9
وكذا J. Gray, Near Eastern Mythology, P.104
نام کتاب : دراسات في تاريخ العرب القديم نویسنده : محمد بيومى مهران جلد : 1 صفحه : 158