نام کتاب : دراسات في تاريخ العرب القديم نویسنده : محمد بيومى مهران جلد : 1 صفحه : 274
على أن هذه الألقاب الملكية التي كان يحملها "شعر أوتر" و"الشرح يحصب" وأخيه "يأزل بين"، فضلا عن "لعززم يهنف يصدق"، والذي رأى فيه بعض الباحثين ملك "ظفار" ومجاوراتها، هذا إلى جانب ملك خامس يدعى، "لحيعثت يرخم"، كل ذلك يدل على أن واحدًا لم يستطع أن يحمل اللقب بمفرده، وأن هناك آخرين ينازعونه سلطانه، وربما استطاعوا آخر الأمر انتزاع العرش نهائيًّا، كما فعل "الشرح يحصب" وأخوه[1].
أضف إلى ذلك أن النصوص من تلك الفترة، إنما تدل على أن البلاد كانت تمر بفترة اضطراب وقلق، وأن الحرب ما تكاد تضعب أوزراها في مكان، حتى تدق طبولها في مكان آخر، ثم تشتعل نيرانها في مكان ثالث، وفي أغلب الأحايين كانت سجالا بين المتحاربين، وأن المغلوب منهم، سرعان ما يعود بعد حين، فيقف على قدميه ويحمل سيفه من جديد، على أن الخاسر الوحيد فيها دائمًا، إنما كان هو الشعب، يدفع ثمنها من دمه وماله، حيث تساق العامة منه إلى ميدان القتال فتسمع وتطيع، وإلا صب عليها من العذاب ألوانًا، أشد قسوة من أهوال الحروب، وفي كل ذلك لا هدف يرجي إلا إشباع شهوات الحكام، وإرضاء رغباتهم في تحقيق أمجاد شخصية، سرعان ما تزول بعد رحيلهم عن هذه الدنيا، وربما في أحايين كثيرة قبل أن يرحلوا إلى عالم الآخرة.
وإلى هذه الفترة العصيبة من تاريخ اليمن، ترجع -فيما يرى كثير من الباحثين- حملة الرومان على العربية الجنوبية، فإذا كان ذلك كذلك، فإن ملوك سبأ وذي ريدان ما كانوا بقادرين على صدها، فالفرقة من ناحية، وضعف الإمكانيات من ناحية أخرى إنما يقفان حجر عثرة في سبيل ذلك.
ويحدثنا التاريخ أن الرومان بعد أن استولوا على أرض الكنانة، بعون من الأنباط، استطاع به "يوليوس قيصر" أن يقبض على ناصية الأمور في الإسكندرية عام 47ق. م[2]، بدأ الرومان في نفس الشيء بالنسبة إلى بلاد العرب، وهكذا كان مشروع حملة "إليوس جالليوس" عام 24ق. م، للاستيلاء على اليمن، لكثرة [1] جواد علي 2/ 387-388. وكذا A. JAMME, OP. CIT., P.134, 306 [2] جواد علي 2/ 40، وكذا DIE ARABER, I, P.360
وكذا H. VON WISSMANN AND M. HOFNER, OP. CIT., P.541
وكذا MURRY, THE ROCK CITY PETRA P.101
نام کتاب : دراسات في تاريخ العرب القديم نویسنده : محمد بيومى مهران جلد : 1 صفحه : 274