نام کتاب : دراسات في تاريخ العرب القديم نویسنده : محمد بيومى مهران جلد : 1 صفحه : 378
ولعل هذه المكانة الفريدة للكعبة هي التي دفعت بأصحاب القوة في تلك الأيام إلى محاولة هدمها، أو على الأقل انضوائها تحت لوائهم، فعل ذلك "حسان بن عبد كلال" ولكن أمره انتهى بفشل ذريع، وبأن يصبح أسيرا في مكة سنوات ثلاث[1]، وفعل ذلك أبرهة الحبشي، ولكن الله سبحانه وتعالى: {أَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ، تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ، فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ} [2]، وفي هذا العصف المأكول كان أبرهة نفسه[3]، وقد ناقشنا ذلك كله بالتفصيل في الجزء الأول من كتابنا "دراسات في التاريخ القرآني".
وتمضي السنون، ويغير الرومان بمرور الزمن من سياستهم نحو العرب، ويرون أن الوسائل غير المباشرة ربما كانت أجدى في السيطرة على شبه الجزيرة العربية، ومن ثم فقد كانوا من وراء حملة أبرهة على مكة، وحين تفشل هذه، ويطرد الأحباش من اليمن، يعملون على تمليك سيد من العرب على مكة يدين بالولاء لهم، ومن ثم فقد ارتضى قيصر أن يكون "عثمان بن الحويرث" ملكًا على مكة من قبله، وإن باءت محاولته هذه بالفشل كذلك[4].
وليس من شك في أن هذه المحاولة السياسية، إنما غرضها غرض تلك المحاولة العسكرية، وأن المحاولتين قد فشلتا، وبقيت مكة -كما أراد الله، ولحكمة لا [1] تاريخ الطبري 2/ 262-263، الإكليل 2/ 357-359، جواد علي 584-585 [2] سورة الفيل: آية 3-5. [3] انظر عن حملة الفيل: ابن الأثير 1/ 442-447، ابن كثير 2/ 170-171، تفسير ابن كثير 8/ 503-511، تفسير النيسابوري 30/ 163، الكشاف 3/ 288، الدر المنثور في التفسير بالمأثور 6/ 394، في ظلال القرآن 8/ 664-675، تفسير روح المعاني 30/ 234-237، ابن هشام 1/ 48-69، تاريخ اليعقوبي 1/ 252-253، صحيح الأخبار 4/ 21-22، مروج الذهب 1/ 104-106، تفسير البيضاوي 1/ 576، تفسير الطبري 30/ 300-304، تفسير القرطبي ص7277-7290 "طبعة الشعب" تفسير الرازي 32/ 96-97، دلائل النبوة للأصبهاني ص100، الأزرقي 1/ 141-149، ياقوت 3/ 53-54، 5/ 161-163، مطلع النور ص114. [4] العقاد: المرجع السابق ص114-115، ابن هشام 1/ 224، ابن حزم: جمهرة أنساب العرب ص118، شمال الحجاز ص31، الروض الأنف 1/ 1436، الأغاني 3/ 112، العقد الثمين 1/ 153، شفاء الغرام 2/ 108-109، جواد علي 4/ 39-40.
نام کتاب : دراسات في تاريخ العرب القديم نویسنده : محمد بيومى مهران جلد : 1 صفحه : 378