نام کتاب : دراسات في تاريخ العرب القديم نویسنده : محمد بيومى مهران جلد : 1 صفحه : 428
فيها، ومن أسف أن القوم ما لبثوا أن أصيبوا بلعنة الصراع القبلي، وتحولت المنافسات التي كانت بينهم وبين يهود، إلى مشاحنات بينهم وبين بعضهم البعض الآخر، أدت في النهاية إلى قيام الحروب بين الحيين العربيين، لعبت فيها العوامل السياسية والتنافس على الزعامة في يثرب دورا كبيرا، هذا فضلا عن العوالم الاقتصادية والتي تتخلص في رغبة في كل من الفريقين في الاستيلاء على ما عند يهود، ثم حدث أن احتل الأوس بقاعا أخضب وأغنى من تلك التي احتلها الخزرج، في الوقت الذي كان الخزرج يتمتعون فيه بمركز الصدارة، لأن نصرة العرب، إنما جاءت على يد رجل خزرجي -هو مالك بن العجلان.
وهكذا كان الخزرج ينفثون على الأوس مكانتهم الاقتصادية، بينما كان الآخرين ينفثون على الأولين، مكانتهم السياسية، حدث هذا في وقت كانت فيه سياسة اليهود مع القبائل العربية إنما تقوم على الإيقاع بينها، وإثارة الأحقاد بين المتخاصمين منهم، كلما جنحوا إلى النسيان وتعاهدوا على الصلح والأمان، ومن ثم فقد عملت يهود في إذكاء روح التحاسد والتباغض التي بدأت تظهر في سماء العلاقات بين الحيين العربيين الشقيقين، حتى يشعلوا نارا، إن لم تقض على الأوس والخزرج معا، فعلى الأقل تشغل كل فريق بالآخر، وتنتهز يهود الفرصة استعدادًا لجولة قادمة، أو على الأقل الحفاظ على ما هي عليه.
وحققت يهود نجحا بعيد المدى فيما تريد، ودقت طبول حرب بين الفريقين، تناوب فيها الأوس والخزرج النصر والهزيمة، وكان من أهمها ما عرف بحرب سمير، وحرب كعب بن عمرو المازني[1] وحرب حاطب بن قيس[2]، فضلا عن يوم السرارة[3]، ويوم فارع[4]، ويوم الفجار الأولى والثاني[5]، وحرب الحصين ابن الأسلت[6]، ثم حرب بعاث، وكان أولها حرب سمير، وآخرها حرب بعاث قبل الهجرة بخمس سنوات[7]، "617م". [1] ابن الأثير 1/ 660-662، وفاء الوفا 1/ 152، أيام العرب في الجاهلية ص69-71. [2] ابن الأثير 1/ 671-672. [3] ابن الأثير 1/ 662-665. [4] ابن الأثير 1/ 668-671. [5] ابن الأثير 1/ 676، 678-680. [6] ابن الأثير 1/ 665-666. [7] وفاء الوفا 1/ 152، 155، ابن الأثير 1/ 655-684، الأغاني 3/ 19-42، إسرائيل ولفنسون: المرجع السابق ص68.
نام کتاب : دراسات في تاريخ العرب القديم نویسنده : محمد بيومى مهران جلد : 1 صفحه : 428