نام کتاب : دراسات في تاريخ العرب القديم نویسنده : محمد بيومى مهران جلد : 1 صفحه : 45
"تاريخ آداب العرب" الذي صدر في عام 1911م، ثم جاء الدكتور طه حسين، وذهب إلى أن الكثرة المطلقة مما نسميه أدبًا جاهليًّا، ليست من الجاهلية في شيء وإنما هي منحولة بعد ظهور الإسلام، فهي إسلامية تمثل حياة المسلمين، وميولهم وأهواءهم، أكثر مما تمثل حياة الجاهليين[1]، وأن هذا الشعر الذي ينسب إلى "امرئ القيس" أو إلى "الأعشى" أو إلى غيرهما من الشعراء الجاهليين لا يمكن أن يكون من الوجهة اللغوية والفنية لهؤلاء الشعراء، ولا أن يكون قد قيل أو أذيع قبل نزول القرآن الكريم[2].
وعلى أي حال، فإن قضية الشعر الجاهلي قضية معروفة في جميع كتب الأدب القديم، وأن القدامى قد سبقوا المحدثين إلى القول بأن كثيرًا من الشعر الجاهلي موضوع مختلق، يروي "ابن الجمحي" أن أول من جمع أشعار العرب، وساق أحاديثها، إنما هو "حماد الراوية" "م155/ 772"، وكان غير موثوق به، كان ينحل شعر الرجل غيره، ويزيد في الأشعار[3]، وأن تلميذه "خلف الأحمر" قد سار على منواله[4]، وربما كان السبب فيما فعلاه- حماد[5] وخلف- حرص الأعاجم مثلهما، على إظهار مقدرتهم أمام العرب في نظم قصائد ومقطوعات تفوق في أصالتها تلك التي ارتجلها الجاهليون، وهكذا يبدو من صنيع الرجلين مبلغ الشك في عملية جمع النصوص الشعرية[6].
على أن الأستاذ العقاد، إنما ينكر التزييف تمامًا، ويرى أنه ما من قارئ للأدب يسيغ القول بوجود طائفة من الرواة يلفقون أشعار الجاهلية، كما وصلت إلينا، ويفلحون في ذلك التلفيق، إذ معنى ذلك "أولًا" أن هؤلاء الرواة قد بلغوا من الشاعرية ذروتها التي بلغها، امرؤ القيس والنابغة وطرفة وعنترة وزهير وغيرهم من فحول الشعر في الجاهلية، ومعنى ذلك "ثانيًا" أنهم مقتدرون على توزيع [1] طه حسين: المرجع السابق ص71-72. [2] نفس المرجع السابق ص73. [3] محمد بن سلام الجمحي: المرجع السابق ص14-5، المزهر2/ 153، 406، الأغاني 5/ 89، 8/ 283، ريجيس بلاشير: المرجع السابق ص111-114. [4] بلاشير: المرجع السابق ص15، المزهر 1/ 107، 117. [5] انظر عن حماد الراوية: وفيات الأعيان 2/ 206-210، الأغاني 6/ 67، المعارف ص333، الشعر والشعراء ص206، تهذيب ابن عساكر 4/ 427. [6] ريجيس بلاشير: المرجع السابق ص116.
نام کتاب : دراسات في تاريخ العرب القديم نویسنده : محمد بيومى مهران جلد : 1 صفحه : 45