نام کتاب : دولة الإسلام في الأندلس نویسنده : عنان، محمد عبد الله جلد : 1 صفحه : 421
لدين الله حسدته ما هيأ الله من الصنع، ولم تناصحه في الحرب حق النصح، فجالت ثانية للأعنة، واختل مصاف القتال ". ثم يقول لنا إن الناصر، قرر أن يبطش بأولئك الخونة المتهاونين، فأمر قبيل وصوله إلى قرطبة، أن تقام المصالب على ضفة نهرها، وما كاد يصل إلى قرطبة، حتى قبض على نحو ثلاثمائة من الفرسان، فصلبهم وأمر بالنداء عليهم: " هذا جزاء من غش الإسلام، وكاد أهله، وأخل بمصاف الجهاد " [1]. بيد أن موقعة الخندق كانت خاتمة أعمال الناصر الحربية فلم يغز من بعدها بنفسه.
وفي ذلك يقول ابن حيان: " إنه قد اشتدت على الناصر نكبته في غزوته هذه، فاتهم سعده، واعتكر بكره، حتى خاف على نفسه، فأشير عليه بعكس همه. فالتفت إلى البنيان يعالج به همه وأساه، فأنشأ مدينة الزهراء، وأقصر من ذلك الوقت عن الغزو بنفسه، ووكل إلى حزمة قواده وشجعانهم، يجردهم بالصوائف كل عام ". ومن جهة أخرى فقد رأى عبد الرحمن أن يتبع نحو أمراء الثغر الأعلى سياسة جديدة. وذلك أنه، وفقاً لقول ابن حيان قد " اقتصر في تقليد شئون الثغر الأعلى الممانعة للدروب على أكابر ساكنيها ورّاثها عن الأجداد والآباء صلابة البأس، آل تجيب، وآل ذى النون، وآل زروال، وآل غزوان، وآل الطويل، وآل رزين، وأسبابهم المؤمرين قديماً بثغورهم، الذابين عن حريمهم، فضم بلادهم بينهم حصصاً، وجدد لهم ولأعقابهم بعدهم على أقسامهم منها كل عام، ثم لا يغبنهم بالصلات إذا وفدوا وطلبوا، وبالهدايا إن بعدوا "، وقد ترتب على ذلك أن كان هؤلاء الزعماء يقومون بدفاع النصارى، وكان الناصر يزودهم كل عام بالعدد والسلاح، والمستنفرة والمطوعة إلى الثغر تعضيداً لجهودهم [2].
واستأمن أمية بن إسحاق بعد ذلك عبد الرحمن، فلم ير بأساً من تأمينه والعفو عنه. وكانت سياسة عبد الرحمن ترمي دائماً إلى اصصناع خصومه الأقوياء بالعفو والإغضاء. وسعى عبد الرحمن حسبما تقدم إلى افتداء محمد بن هاشم، فأفرج عنه النصارى بعد أن لبث في سجون ليون زهاء ثلاثة أعوام، وغمره الناصر بعطفه [1] أعمال الأعلام ص 37. [2] ابن حيان في السفر الخامس لوحة 168 ب.
نام کتاب : دولة الإسلام في الأندلس نویسنده : عنان، محمد عبد الله جلد : 1 صفحه : 421