نام کتاب : دولة الإسلام في الأندلس نویسنده : عنان، محمد عبد الله جلد : 1 صفحه : 488
وكانت حوادث المغرب الأقصى (وسوف نتحدث عنها بعد)، وما يتهدد الأندلس من جراء مشاريع الفاطميين وأشياعهم في تلك المنطقة، مما يشغل حكومة قرطبة، ويحفزها دائماً إلى اليقظة والتأهب، وكان من أثر ذلك أن قصد الحكم في شهر رجب سنة 353 إلى ثغر ألمرية (سبتمبر سنة 964) في جماعة كبيرة من الرؤساء والقادة، ليشرف بنفسه على أعمال التحصين الجارية فيها، وليتخذ ما يجب لتجديد الأسطول وتعزيزه. وكانت ألمرية أعظم قواعد الأسطول الأندلسي، وكانت سفنه الراسية بها يومئذ تبلغ ثلاثمائة قطعة [1].
بيد أنه لم يمض قليل، حتى جاء الخطر يتهدد الأندلس من ناحية أخرى. ففي أواخر سنة 355 هـ [2] (أواخر سنة 967 م) ظهرت سفن النورمان أو المجوس في مياه الشاطىء الغربي قبالة ولاية الغرب.
وكان النورمان قد ظهروا في مياه الأندلس لأول مرة في سنة 229 هـ (843 م) أيام عبد الرحمن بن الحكم، وبدأت حكومة قرطبة تعني بشأن الأسطول ومضاعفة أهبتها البحرية من ذلك الحين. وكان أولئك الغزاة النورمان في هذه المرة من أهل دانماركة المجوس، ويقودهم رتشارد الأول دوق نورماندي، وحفيد زعيمهم الكبير رولو. وكانت عدة أسطولهم ثمانية وعشرين مركباً. ونزل الغزاة على مقربة من بلدة قصر أبي دانس [3]، وعاثوا في تلك النطقة، ثم زحفوا شمالا إلى بسائط أشبونة الغنية اليانعة، وعاثوا فيها تخريباً ونهباً، واجتمع المسلمون في تلك المنطقة لقتالهم. ونشبت بينهم وبين الغزاة موقعة دامية قتل فيها كثير من الفريقين.
وفي تلك الأثناء خرج أسطول إشبيلية من نهر الوادي الكبير بقيادة أمير البحر عبد الرحمن بن رماحس، وسار على عجل إلى شاطىء البرتغال الجنوبي، وكان الغزاة قد انحدروا عندئذ جنوباً ثم شرقاً بمحاذاة الشاطىء، ووقع اللقاء بين سفنهم وبين سفن المسلمين عند مصب نهر شِلْب. فحطم المسلمون عدة من سفن الغزاة، وأنقذوا من كان بها من أسرى المسلمين، وقتل كثير من النورمان، وارتدوا منهزمين عن تلك المياه، بيد أن سفنهم لبثت تجوس خلال المياه الغربية، والمسلمون لهم بالمرصاد أينما ظهروا. وأمر الحكم زيادة في التحوط أن تحشد بعض [1] البيان المغرب ج 2 ص 252, والإحاطة (1956) ج 1 ص 486. [2] ويذكر ابن خلدون أنها كانت سنة 354 هـ (ج 4 ص 145). [3] وهي بالإفرنجية Alcacer do Sal، وهي ثغر برتغالي صغير يقع جنوب شرقي اشبونة.
نام کتاب : دولة الإسلام في الأندلس نویسنده : عنان، محمد عبد الله جلد : 1 صفحه : 488