نام کتاب : دولة الإسلام في الأندلس نویسنده : عنان، محمد عبد الله جلد : 1 صفحه : 541
ولكن سوف نرى أن غزوات المنصور، بالرغم من تحري هذه الغاية البعيدة المدى، وبالرغم مما كان يحالفها من الظفر المستمر، لم تخرج في مجموعها عن أساليب الصوائف والغزوات الإسلامية المأثورة، ولم تتجه بالفعل إلى تحري هذه الغاية الكبرى.
سار ابن أبي عامر عقب الفراغ من أمر صهره غالب، إلى مملكة ليون، ليعاقب ملكها راميرو الثالث على معاونته لخصمه غالب، وتدخله على هذا النحو في شئون الأندلس، وقصد إلى مدينة سمورة الحصينة الواقعة شمالي شلمنقة، وضرب حولها الحصار (أوائل سنة 371 هـ الموافقة 981 م) ولكنه لم يستطع الاستيلاء على قلعتها المنيعة بسرعة، فتركها وعاث فيما حولها من السهول، وأمعنت قواته في التخريب والقتل، وأحرقت مئات القرى والضياع، وهام النصارى على وجوههم في الجبال والوديان ألوفاً مؤلفة. وهرع راميرو الثالث إلى غرسية فرنانديز كونت قشتالة، وسانشو ملك نافار، وعقد الثلاثة تحالفاً لمحاربة ابن أبي عامر، وسارت قواتهم المشتركة للقائه. ونشب القتال بين الفريقين في ظاهر بلدة " روضة " في جنوب غربي " شنت منكش " [1]، فهزم النصارى وقتل منهم عدد كبير، واستولى المسلمون على قلعة شنت منكش الشهيرة؛ ثم زحف ابن أبي عامر بعد ذلك شمالا إلى مدينة ليون عاصمة المملكة، وهنالك وقف راميرو في قواته محاولا اعتراضه، وحاول المسلمون اقتحام المدينة، ووصلوا في هجومهم بالفعل إلى أبوابها، ولكن الشتاء كان قد دخل، وغمرهم البرد والثلوج، فاضطروا إلى وقف القتال، وعاد ابن أبي عامر إلى قرطبة بعد غزوات دامت بضعة أشهر [2].
وعلى أثر هذا النصر، وفي أواخر سنة 371 هـ (أواخر 981 م) اتخذ ابن أبي عامر سمة الملك، فتسمى بالحاجب المنصور، وأمر بالدعاء له على المنابر، ونفذت الكتب والأوامر باسمه عن " الحاجب المنصور أبي عامر محمد بن أبي عامر " ونقش اسمه في السكة، وجرى الوزراء ورجال الدولة على تقبيل يده، عند المثول لديه، واجتمعت حول شخصه، وحول داره، مظاهر الجلالة الملكية، وتم بذلك استئثاره بجميع السلطات والرسوم، ولم يبق من الخلافة الأموية سوى [1] روضة هي بالإسبانية Rueda، وشنت منكش هي Simancas. [2] Dozy: Hist. Vol. II. p. 234-235 ; Recherches (3ème ed.) Vol. I. p. 180-181.
نام کتاب : دولة الإسلام في الأندلس نویسنده : عنان، محمد عبد الله جلد : 1 صفحه : 541