ونادى فلبته بمكة دوحةٌ ... تخد إليه الأرض خداً وتسرع
ولما دنا منه سراقةُ طالباً ... على فرس كادت له الأرض تبلع
فعاذ به مستأمناً فأجاره ... وأطلقها حتى غدت تتقلع
وحنّ إليه الجذع عند فراقه ... كما حنّ مسلوب القرين مفجع
وخرّ له الناب المهدّدُ ساجداً ... وأجفانه خوفاً من النحر تدمع
فأطلقه من أهله فبجاهه ... نجا من اليم الذبح هذا الجلنقع
فكيف بنا إذ نحن عذنا بجاهه ... من الحادث المغرى بنا فهو مرجع
وخرّ له ساني الأباعر ساجداً ... وكان شروداً فانثنى وهو طيّع
وعاذت به ريمٌ فقّك إسارها ... فمرت على الخشفين تحنو وتُرضع
ومدّ يديه والرّبى مقشعرّة ... فما رام إلا والسحائب تهمع
فدام الحيا سبعاً فمدّ لكشفها ... يداً غمرت جوداً فظلت تقشّع
ودرّت له في الجدب عجفاء حائلٌ ... وبكل على نزل الفحول تمنع
وقد كان من مدّ من التمر أو من الش ... عير بجوع الجحفل الجم يشبع
ومن لبن في القعب أشبع كل من ... حوت صُفة الإسلام والقوم جوّع
وآض أبو هرٍ وقد كان آيساً ... من الرّي وهو الشارب المتضلع
ولما اشتكوا يوم الحديبية الصدى ... غدا الماء من بين الأصابع ينبع