نام کتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان نویسنده : العيني، بدر الدين جلد : 1 صفحه : 269
ولما قتل السلطان، وكان الأمير سيف الدين سنكو الدوادار صحبته، فلما شاهد قتله ركب وساق إلى أن أدرك طلب السلطان وعرفهم بذلك كما ذكرنا، واستمر سائقا بعد ذلك إلى أن دخل المدينة، فوجد الأمير علم الدين الدواداري في الصناعة يجهز المراكب، فأخبره بذلك سرا، ثم ركب صحبته إلى القلعة، وكان الشجاعي بها نائب الغيبة، فاجتمعا به، وأخبراه بذلك، فركبوا على الفور إلى أن أتوا إلى ساحل النيل، وطلب الشجاعي والي مصر ووالي الصناعة والرؤساء، وأمر بإطلاق النداء على أهل المراكب جميعهم بأن لا يعدوا أحد إلى ذلك البر، فأي من عدى بمركبه من كبير أو صغير شنق على مركبه، ثم ركبوا في المركب وجمعوا سائر المراكب من الأعلى إلى الأسفل، ولم يدعوا وجه النيل مركبا إلا وأحضروه إلى ساحل مصر، وكذلك المعادى، وشخاتر الصيادين، ووكل بالساحل من يحفظ ذلك، واتفق وصول طلب السلطان والأمراء الذين كانوا معه بكرة النهار في ذلك اليوم، ووجدوا سائر المراكب والمعادى في بر مصر، ولم يجدوا إلى التعدية سبيلا، فاجتمعوا هناك، وخطر لهم أن الشجاعي كان متفقا مع بيدرا على قتل السلطان لأجل ما كان بينهم من المصاهرة، فاقتضى رأيهم أن يسلموا رأس بيدرا لبعض الغلمان ليؤديه إلى الشجاعي حتى يعلم أن هذا كان غريم السلطان وأنه قتل، فأخذه الغلام ووصل به إلى الشجاعي، وهو في الصناعة والمماليك البرجية حوله، وإلى جانبه الأمير علم الدين الدواداري، فلما رأى رأس بيدرا بكى وتوجع، ورسم بسير المراكب والمعادى.
قال صاحب النزهة: حكى لي الشيخ فتح الدين ابن سيد الناس أن علم الدين الدواداري حكى له في بعض الأيام، وقد ذكروا قتل الأشرف: أنه عندما وصل رأس بيدرا إلى الشجاعي بكى بكاء كثيرا وتألم كثيرا، وقال: يا أمير علم الدين: والله لقد كنت أعجب من عقل صاحب هذا الرأس، ولكن إذا أراد الله بإتمام قضائه وقدره سلب ذوي العقول عقولهم، والله ليورى هذه النار أثرها لا يبقى لنا أثر، وكان الشجاعي فطنا صاحب ذهن جيد، وكان يروى الشعر الكثير، فقال لي يا أمير علم الدين: كأني أنظر في هذا الوقت في قول الرقاشي الشاعر لما قتل الرشيد جعفرا البرمكي:
ألا إن سيفا برمكيا مهندا ... أصيب بسيف هاشمي مهند
فقل للمطايا قد امنت من السرى ... وقل للفيافي فدفدا بعد فدفد
وقل للعطايا بعد فضل تعطلى ... وقل للرزايا كل يوم تجددي
وقل للمنايا قد ظفرت بجعفر ... ولم تظفري من بعدها بمسود
ثم ركب وتلقى الأمراء، وتباكوا وتوجعوا، وأخذ الشجاعي يسألهم عن أخبار لاجين وقراسنقر، فعرفوه أنهما لم يعلما من هذا الأمر شيئا: فطلب بعض مماليك بيدرا وسأل منه، فأخبره أنهما كانا مع أستاذه إلى حين حمل بعضهم على بعض، ولم يعلم بعد ذلك ما جرى منهما.
ذكر سلطنة الملك الناصر محمد بن قلاون
لما كان يوم السبت السادس عشر من المحرم جلس السلطان الملك الناصر في السلطنة، وكان عمره إذ ذاك ثمان سنين وشهورا، وذلك باتفاق الأمراء الكبار مثل: كتبغا، وبيبرس الجاشنكير، وحسام الدين الأستاذدار، وبرلغى، والشجاعي، وغيرهم من الأمراء الخاصكية مثل: طقجى وطقطاى وقطبية وغيرهم، وتقرر أن يكون الأمير زين الدين كتبغا نائبا، وعلم الدين الشجاعي وزيرا ومدبرا، وركن الدين الجاشنكير أستاذدار، واستقر الحال على هذا النظام.
نام کتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان نویسنده : العيني، بدر الدين جلد : 1 صفحه : 269