نام کتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان نویسنده : العيني، بدر الدين جلد : 1 صفحه : 362
ولما كان يوم الجمعة رسم للخطيب بإعادة الخطبة في سائر الجوامع باسم السلطان الملك الناصر، وكان بالجامع الأموي ذلك النهار بكاء عظيم وتضرع إلى الله تعالى وتذاكر بما كانت الناس فيه من الشدة والنهب والسبي، وكانت مدة إنقطاع الخطبة عن ملك الإسلام نحو مئة يوم، ثم أعادها الله تعالى.
وكان تقدير الذي حمل إلى خزانة قازان ثلاثة آلاف ألف دينار سوى ما أخذ من البراطيل للأمراء والوزراء وأكابر المغل، وهذا هو الذي حصره ابن المنجي، وأما الذي نهب من دمشق والأماكن التي ذكرناها فإنه لايمكن حصره، وكذا الذي كسبه الأمراء والجند يوم الهزيمة، وذكر أن الذي صحبهم من الأسرى أحد عشر ألف نفس من الرجال والنساء والأطفال، وكان معظمهم من جبل الصالحية ولم يصحب معهم إلى البلاد إلاّ القليل منهم، فإن منهم من هرب بالليالي، ومنهم من مات، ومنهم من اختفى، وأخذوا من البلد فوق عشرة آلاف فرس، وكان معظم فسادهم في جبل الصالحية، وكان غالب ذلك من طائفة الأرمن، فإن صاحب سيس كان في قلبه حزازات من فعل المسلمين في بلاده التي أخذت منهم وضياعه التي أخربت ورجاله الذين قتلوا والغارات التي كانت تتواتر على بلاده من جهة المسلمين ولما اتفق من نصرة قازان ما اتفق حضر صاحب سيس قدام قازان وسأله أن يمكنه من الدخول من الباب الشرقي والخروج من باب الجابية، ويضع السيف بين البابين ويشتفي من المسلمين ويقيم بألف ألف دينار، فوقف قفجق في طريقه وتحدث مع قازان وقال له: قد ملكت هذه البلاد وهي في يدك والمال الذي تحمله هذا تأخذه من أهل الشام من غير سفك دم، وما زال به حتى طرد صاحب سيس عن مراده.
ذكر صور الفرمانات التي كتبها قازان
وهي أربعة: الأول: كتبه إلى الأمراء والعساكر والجيوش والأكابر، وهذه نسخته: ميامين الملة المحمدية، فرمان قازان، ليعلم الأمراء والأكابر وأشراف السادات العظام، والمشايخ الكرام، وسائر مشاهير الأعراب، من الخواص والعوام، إنه في كل زمان يقتضي الدوران. يرسل الله تعالى نبياً لهداية العالم، ودلالة الإنسان إلى طريق الصواب. وحفظ الأساطير في ملل الدين، فلما انتهت النوبة إلى خاتم النبيين محمد المصطفى الذي أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، أرسله إلى جميع الخلائق ليهدي كافة الأنام من ظلمات الكفر إلى نور الإسلام، ويرشدهم من علائق الجثمانيات إلى زوايا الروحانيات، ويزّينهم بكمال الدين وتهذيب الأخلاق، وأنزل عليه القرآن العظيم، وعلمه الأحكام الشرعية الشريفة المطهرة لينقذ بها التابعين من نار جهنم، فالواجب على كل أحد متابعة هذا النبي ومطاوعة شريعته، والذي يخالفه يكون مأواه جهنم وبئس المصير، ومن أول بعثته ومفتتح رسالته إلى زماننا هذا كلما وقع في أمور الدين الخلل وظهر الوهن في شريعة المسلمين، وأقدم الإنسان على العصيان وأصرّ على الطغيان، وأظهر لهم من أولى الأمر شخصاً يقوى الأمور الدينية ويزكي الخلائق طراً، وينهاهم عن الأمور المستنكرة، ويردّهم إلى الطرائق المستقيمة المستحسنة، وقبل زماننا هذا قد ظهر المشركون وعبدة الأوثان، والجماعة الذين كانوا يلايمونهم من المسلمين الذين يقولون آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم، ظلموا وتعدّوا، وكانوا يعلمونهم الحيف والجور على الرعية وغصب أموالهم وأكل الربا، وترك الصلاة والزكاة والصيام والصدقات وأعمال البر.
نام کتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان نویسنده : العيني، بدر الدين جلد : 1 صفحه : 362