نام کتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان نویسنده : العيني، بدر الدين جلد : 1 صفحه : 80
وقال ابن كثير: وكان سبب خروج السلطان إلى الشام أن البرلي كما تقدم كان قد استحوذ على حلب، فأرسل إليه الأمير علم الدين سنجر الحلبي الذي كان قد تغلب على دمشق، فطرده عن حلب وتسلمها منه، وأقام بها نائباً عن السلطان، ثم لم يزل البرلي حتى إستعادها منه واستولى عليها كما كان، فاستناب السلطان على الديار المصرية عز الدين أيدمر الحلى، وجعل تدبير المملكة بها إلى الوزير بهاء الدين بن حنا، واستصحب ولده فخر الدين بن الحنا وزير الصحبة، وجعل تدبير العسكر والجيوش معه إلى الأمير بدر الدين بيلبك الخزندار.
وقال ابن كثير: وكان دخول السلطان إلى دمشق يوم الإثنين سابع ذي القعدة من هذه السنة وكان يوماً مشهوداً، وصلى هو والخليفة الجمعة بجامع دمشق، وكان دخول الخليفة إلى الجامع من باب البريد، ودخول السلطان من باب الزيادة وكان يوماً مشهوداً، ثم جهز السلطان الخليفة كما ذكرنا، وأصحبه أولاد صاحب الموصل، وقدم إليه صاحب حمص الملك الأشرف فخلع عليه، وأطلق له، وكتب له تقليداً ببلاده، ثم جهز جيشاً صحبة الأمير علاء الدين أيدكين البندقدار إلى حلب لمحاربة البرلى المتغلب عليها المفسد فيها.
وقال أبو شامة: وفي يوم الخميس ثامن ذي الحجة عزل عن قضاء دمشق النجم بن الصدر بن سنى الدولة، وتولى الحكم القاضي شمس الدين أحمد بن بهاء الدين محمد بن إبراهيم بن أبي بكر بن خلكان الذي كان نائباً في الحكم بالقاهرة سنين كثيرة، وجلس مكان النجم وابنه بالمدرسة العادلية، ثم وكل على النجم وأمره بالسفر إلى الديار المصرية، وكان حاكماً جائراً فاجراً ظالماً متعدياً، فاستراح منه البلاد والعباد، وهو الذي شاع عنه أنه أُودع كيسا فيه ألف دينار، فرد بدله كيسا فيه فلوس، وذكر ذلك في القصيدة التي هجى بها لما تولى الحكم، ورفعت إلى الملك المظفر والمولى الأمير المجير، وابن وداعة.
قال أبو شامة: وفي الجملة تولى الحكم في زماننا ثلاثة مشهورين بالفسق: هذا الظالم، والرفيع الحنفي وابن الجمال المصري، وكان نائباً عن أبيه، وقلت في حصر القضاة ونوابهم:
دمشق في عصرنا مع فضلها بُلِيَتْ ... من القضاة بِجُهَّالٍ وأوقاح
بأعجمين ومصرى وصانعهم ... وإربلى وخياط وفلاح
هم ضعف ستة والنواب كلهم ... ضعفان أحزانهم أضعاف أفراح
أي هم إثنا عشر: الزكى، وأخوه وابن الحرستانى، وإبنه، والجمال المصري، والخويي، والرفيع، والتفليسى، وبنو سنى الدولة ثلاثة؛ وابن خلكان؛ والنواب ثمانية عشر.
ثم سافر القاضي المعزول إلى مصر تحت الحوطة يوم الخميس خامس عشر ذي الحجة، والدعاء عليه كثير، والتظلم منه شائع، والدعاوى عليه كثيرة.
قال: وأنشدني العماد داود الحموي لنفسه في ذلك القاضي المعزول:
نجم أتاه ضياء الشمس فاحترقا ... وراح في لجج الأدبار قد غَرِقا
ناحت عليه الليالى وهى شامتةٍ ... وعرفته صروف الدهر ما اختلقا
وحدَّثته الأمانى وهي كاذبة ... بأنه لا يرى بعد النعيم شقا
وجاد بالمال كي تبقى رئاسته ... وفتق الشرع والتقوى وما رتقا
فجاءه سهم غربٍ جل مُرسله ... فمات معنى وما أخطاه من رشقا
وأُلقيت في قلوب الناس بُفضته ... لكنهخم قد غدوا في ذمه فِرَقا
ففرقَةٌ بقبيح الظلم تذكره ... وفرقةٌ حلقَتْ بالله قد فسقا
وزدت أنا:
وفرقة وصفته بالخلاعة مع ... خبثٍ وكبرٍ وكلٌّ منهم صَدقا
قال: وفى الغد يوم الجمعة: قُرِىءَ بالشباك المالى بجامع دشمق، وأنا حاضر فيه، تقليد القضاء للقاضى شمس الدين بن خلكان الإربلى، ويتضمن أنه فوض إليه الحكم في جميع بلاد الشام من العريش إلى سلمية، يستنيب فيها من يراه، وفوض إليه النظر في أوقاف الجامع، والمصالح، والمارستان، والمدراس وغيرها، مما كان تحت يد الحاكم المعزول، وفوض إليه تدريس سبع مدارس كانت تحت يد المعزول أيضاً وهي العذراوية، والعادلية، والناصرية، والفلكية، والركنية، والإقبالية، والبهنسية.
نام کتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان نویسنده : العيني، بدر الدين جلد : 1 صفحه : 80