وأما ما قيل: من أنه اجتمع خمسون من المهاجرين والأنصار؛ فكتبوا أحداث عثمان رضي الله عنه وما نقموا عليه في كتاب، وقالوا لعمار: أوصل هذا الكتاب إلى عثمان رضي الله عنه، ليقرأه فلعله يرجع عن هذا الذي ينكر، وخوفوه فيه بأنه إن لم يرجع خلعوه واستبدلوا غيره.
وأن عثمان رضي الله عنه طرح الكتاب بعدما قرأه، فقال له عمار: لا ترم بالكتاب، وانظر فيه، فإنه كتاب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا - والله - لك ناصح، وخائف عليك، فقال: كذبت يا ابن سمية، وأنه أمر غلمانه فضربوه حتى وقع لجنبه وأغمي عليه، وقام عثمان رضي الله عنه فوطئ بطنه، ومذاكيره حتى أصابه الفتق، وأغمي عليه أربع صلوات ثم قضاها بعد الإفاقة، واتخذ لنفسه تباناً تحت ثيابه، وأنه أول من لبس التبان لأجل الفتق، وأن بني مخزوم غضبوا له، وقالوا: والله لئن مات عمار من هذا لنقتلن من بني أمية شيخاً عظيماً -يعنون عثمان رضي الله عنه- وأن عماراً لزم بيته إلى أن كان من أمر الفتنة ما كان[1].
فإن كل ذلك لم أقف على إسناد له، لتنكشف به درجة صحته، والذي ذكر هذه التفاصيل هو المحب الطبري المتوفى سنة 694?، ولم يسندها ولم يعزها إلى أحد، بل طعن في صحتها، وقال: "سياق هذه القصة لا يصح".
ثم ذكر بعض مضمون الرواية الضعيفة السابقة الذكر، التي فيها أن [1] المحب الطبري، الرياض النضرة (3/ 85) .