(مشاغبة دهماء) لم تجد من يكبحها"[1]فإن في ذلك غمزاً في شخصية وشجاعة عثمان رضي الله عنه، وهي حقاً فتنة دهماء، ولكن عدم كبحها يعد منقبة لعثمان رضي الله عنه لما فيه من تضحية في سبيل الله، رجاء تحصيل مصلحة للأمة، وعملاً بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وبينما كان عثمان رضي الله عنه في داره، والقوم أمام الدار يحاصرونها، دخل ذات يوم ذاك المدخل الذي قدمنا أن داخله يسمع كلام من على البلاط، فإذا هو يسمع توعد المحاصرين له بالقتل، ويبدو أنه لم يكن يتوقع قبل هذا أن الأمر سيبلغ هذا المبلغ.
فخرج من المدخل، ودخل على من معه في الدار، ولونه منتقع، فقال: "إنهم ليتوعدونني بالقتل آنفاً، فقالوا له: يكفيكهم الله يا أمير المؤمنين، فقال ولم يقتلونني؟! وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يحل دم امرئ مسلم إلا في إحدى ثلاث: رجل كفر بعد إيمانه، أو زنى بعد إحصانه، أو قتل نفساً بغير نفس" فوالله ما زنيت في جاهلية ولا في إسلام قط، ولا تمنيت أن لي بديني بدلاً منذ هداني الله، ولا قتلت نفساً؛ ففيم يقتلونني؟ "[2]. [1] العقاد، ذو النورين عثمان بن عفان (ص: 122) . [2] ابن سعد، الطبقات (3/ 67) ، وأحمد، المسند (بتحقيق أحمد شاكر 1/ 348، 363، 379-380) وصححه أحمد شاكر.
وعبد الله بن أحمد (المصدر السابق) ، والدارمي، السنن (2/ 171-172) ، وأبو داود، السنن (4/ 170-171) ، وابن ماجه، السنن (2/ 847) ، والترمذي، السنن (4/461) ، والنسائي، السنن (7/ 91-92) ، والبغوي، شرح السنة (10/ 148) ، وابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة عثمان (351) ، وذكره المحب الطبري في الرياض النضرة (3/ 66) ، وإسناده صحيح رجاله رجال الشيخين، انظر الملحق الرواية رقم: [130] .