نام کتاب : فتوح الشام نویسنده : الواقدي جلد : 1 صفحه : 256
أطراف الجبال وسواحل البحر حذرا منه وكان مع ذلك يسال عن أخبارهم ويطلع على آثارهم فلما اصبح عند نزولهم على ساحل البحر استصرخ قومه للغزو فتشاغلوا ولم ينفر منهم أحد معه وكان خبيرا بالبلاد سهلها ووعرها برها وبحرها فلما ايس من قومه دخل إلى خبايته واحتمل رزمة على عاتقه فأتاه اناس من قومه وقالوا له: إلى اين تريد وما هذا الذي معك فقال: يا قوم أنا أريد الغارة على بني الشعر وآخذ بالثار واكشف العار فقال له مشايخ الحي: ما رأينا أعجب من أمرك وأنت تعلم أن بني الشعر سبعون فمن يريد أن يغير عليهم وحده ويأخذ منهم بالثأر وما سمعنا بهذا ابدا وأنا نرى أن تقصد جواد وكانت جواد هذه امة لبني حياس من الحضارمة وكانت بقرية من قرى حضرموت يقال لها: أسفل وكان دامس هذا يهواها وكل ما يأخذه من الأموال والخيل والإبل يدفعه إليها ولا يعظم عليه كثرته وكان لا يرضى لها بالقليل ولا يشبع لها بالكثير فظن القوم إنه مضى إليها وقصد نحوها بحملته التي معه من رزمته فقال لهم: وايم الله إني بطل فما تظنون وسوف تعلمون أن ما أفعله الحق واليقين قال فرجع قومه وتركوه وسار إلى أن أتى إلى مرعى قومه فأخذ راحلته من ابلهم ورحلها واخذ سيفه وحجفته وجعل الرزمة تحته وسار بقية يومه وليلته حتى إذ كان آخر الليل عطف بالراحلة إلى بعض الأودية فأبركها وحل رحلها وعقلها ودورها ترعى معقولة ثم كمن بين حجرين وكان قريبا من القوم ويخاف أن يدوروا به فلما مضى عليه نهاره واقبل ليله أتى إلى راحلته وأبركها ورحلها واستوى في كورها وسار حتى اشرف على نار القوم فعدل بناقته حتى اشرف على الحي وكان في ذلك الشرف شجر من الطلح فأبرك ناقته وزم شدقها لئلا ترغو فيسمع القوم رغاءها ثم عمد إلى رزمته فحلها واستخرج منها الثياب واتى إلى تلك الشجرة فجعل على كل عود منها مثل عمامة الرجل ويأتي بالعود ينصبه ويسنده بالحجارة ويطرح عليه الأزار ولم يزل حتى أقام أربعين عودا على هذه الصفة وجعل عليه حلة حمراء أرجوانية وهبط من ذلك الشرف الذي عليه الثياب وقصد الحي ودار حول بيوتهم وتفكر في أمره وكيف يحتال وقد مضى أكثر الليل ثم صبر إلى أن طلع الفجر وسار نحو الساحل فلما قرب منهم صاح فيهم وقال دنا أجلكم أنا أبو الهول ولقد أصبحتم بالويل وأخذتم من البر والبحر وجعل ينادي يا لثار طريف يا آل طريف يا آل كندة فلما وقع صوته في أسماعهم ذهلت رجالهم وتصارخت نساؤهم وفزع القوم بين يديه من البيوت هاربين والى الساحل نحو الجبل طالبين وهو من خلفهم فلما رأوه وحده شجع بعضهم بعضا ورجعوا إليه يقاتلونه وطمعوا فيه لما رأوه وحده ولم يروا أحدا من ورائه وأخذوا في طلبه فجعل يكر عليهم ويرجع عنهم ويقتل رجلا بعد رجل فلما نظروا إلى شدة بأسه وعظم مراسه وهول صولته وشدة حملته أرادوا أن يسبقوه إلى الشرف ليأتوا إليه من ورائه فلما علم إنهم قد قاربوا الأعواد التي عملها وعليها الثياب
نام کتاب : فتوح الشام نویسنده : الواقدي جلد : 1 صفحه : 256