نام کتاب : فتوح الشام نویسنده : الواقدي جلد : 1 صفحه : 269
وربط المتنصر عنده واقاموا ينتظرون صاحب الراواندات فلما راق الليل سمعوا وقع حوافر الخيل فلم يكلمهم مالك حتى توسطوا الكمين وأطبقوا عليهم فكل اثنين ربطوا واحدا من الروم واخذوهم بالكف ولم ينفلت منهم أحد ولبسوا ثيابهم ورفعوا رأيتهم وصليبهم كما كانت ثم أن مالكا قال للمتنصر هل لك أن ترجع إلى دين الله عز وجل ودين نبيه محمد صلى الله عليه وسلم فيمحو عنك ما سلف من الكفر بالإيمان وتبقى لنا من جملة الأخوان فقال أن قلبي ولبي عندكم فلا جزي الله من ألجانا إلى الدخول في هذا الدين خيرا وأنا والله من الطائفة التي هي أول من اسلم على يد عمر بن الخطاب وقد سمعنا عن محمد صلى الله عليه وسلم إنه قال: "من بدل دينه فاقتلوه" فقال له مالك: لقد صدقت في قولك ولكن انسخ هذا الحديث بقول لا إله إلا الله فقد قال الله تعالى: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} [الفرقان: 70] الآية وقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم توبة وحشي قاتل عمه حمزة فأنزل الله فيه الآيات فلما سمع الغساني ذلك فرح وقال أنا أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله والآن والله يا مالك قد طاب قلبي وانجبر كسري أخذ الله بيدك وأنقذك الله يوم القيامة قال ففرح مالك باسلامه وقال له: وفقك الله وثبت ايمانك ثم قال له: يا عبد الله إني أريد أن تمحو ما سلف منك بما تفعله فقال: وما تريد أيها الأمير قال تمضي إلى صاحب عزاز وتبشره بقدوم صاحب الراوندات إلى نصرته فقال أفعل ذلك أن شاء الله تعالى وأن كنت في شك من أمري فأرسل معي من تثق به حتى يسمع ما أقول فإن الليل قد تنصف والحرس شديد وباب الحصن مقفول وأنا أخاطبهم من شفير الخندق قال فأرسل معه مالك ابن عم له يقال له راشد بن مقبس: ووصاه أن يكون مستيقظا فسارا جميعا إلى أن وصلا إلى الحصن فوجدا الحرس شديدا والروم تضرب بوقاتها والصوت عال في وسط الحصن فقال طارق لابن عم مالك ما هذا وحق ابي الأقتال وضرب وحرب فانصتا فإذا هو كما قال طارق.
قال الواقدي: وكان السبب في ذلك أن ابن صاحب عزاز شاب شجاع يقال له: لاوان كان أبوه دراس في وقت يرسله إلى يوقنا بالهدايا والتحف لما بينهم من القرابة وكان يقيم عنده أشهرا في أعز مكان وانه حضر عنده في بعض المرات في عيد الصليب في البيعة التي هي اليوم الجامع وكان يدخل في كل وقت فرأى يوما ابنة يوقنا وهي بين جواريها وخدمها وحشمها فوقع بقلبه حبها فكتم أمرها وعاد إلى عزاز وشكا حاله إلى أمه وما كان لأبيه ولد غيره وهي تجد له محبة عظيمة فقالت له: أنا أخاطب أباك في ذلك والزمه أن يرسل ليخطبها من ابيها ويزوجك بها ونبذل له من المال ما أراده وطلبه واشتغل قلب الشاب بحب الجارية وفي اثناء ذلك جاءت العرب إلى بلادهم واشتغلت خواطرهم فلما وقع يوقنا في يد أبيه كان وكان من أمره ما كان وقبض عليه وعلى المائة من
نام کتاب : فتوح الشام نویسنده : الواقدي جلد : 1 صفحه : 269