قال: فلما مات غوث ولى على القضاء المفضّل بن فضالة بن عبيد القتبانى «1» ، ثم عزل فى سنة تسع وستّين ومائة، وهو أوّل القضاة بمصر طوّل الكتب، وكان أحد فضلاء الناس وخيارهم.
قال: أخبرنى بعض مشايخ البلد أن رجلا لقيه بعد أن عزل فقال: حسيبك الله، قضيت «2» علىّ بالباطل وفعلت وفعلت؛ فقال له المفضّل: لكن الذي قضينا له يطيّب الثناء.
قال: ثم ولى أبو الطاهر الأعرج عبد الملك بن محمد بن أبى بكر بن حزم الأنصارىّ، وكان محمودا فى ولايته.
وأخبرنا أبى عبد الله بن عبد الحكم، قال: كتب إليه صاحب البربد يومئذ: إنك تبطّئ بالجلوس للناس «3» ؛ فكتب إليه أبو الطاهر: إن كان أمير المؤمنين أمرك بشىء وإلّا فإنّ فى أكفك وبراذعك ودبر دوابّك ما يشغلك عن أمر العامّة «4» .
ثم استعفى فأعفى فى سنة أربع وسبعين ومائة. قالوا: فأشر علينا برجل، فأشار عليهم بالمفضّل بن فضالة، فولى المفضّل بن فضالة، ثم شخص أبو الطاهر إلى العراق فقال: أنا ظننت أنى أعفى عن العمل، ولولا ذلك ما استعفيت عن مصر كانت زاوية صالحة. فلم يزل المفضّل على القضاء إلى صفر سنة سبع وسبعين ومائة.
وولى محمد بن مسروق الكندىّ من أهل الكوفة «5» . ولم يكن بالمحمود فى ولايته، وكان فيه عتوّ وتجبّر. فلم يزل على القضاء إلى سنة أربع وثمانين ومائة، فخرج إلى العراق.
واستخلف إسحاق بن الفرات «6» التجيبى فحميرى، فلم يزل على القضاء إلى صفر سنة خمس وثمانين ومائة فعزل.