فإن أقروا بما ادعى عليهم فسرح بهم إليّ، وإن هم أنكروا فاسأله البينة، فإن لم يقمها فاستحلفهم بعد صلاة العصر بالله الذي لا إله إلّا هو ما استودعهم وديعة «1» ، ولا له قبلهم شيء، ثم خل سبيلهم» .
فقالوا لهشام: إنا نخاف أن يتعدى كتابك [ويطول علينا] . قال: كلا أنا باعث معكم رجلا من الحرس ليأخذه بذلك حتى يفرغ ويعجل. قالوا:
جزاك الله عن الرحم خيرا، لقد حكمت بالعدل.
فسرح بهم إلى يوسف، وهو يومئذ بالحيرة، فاجتنبوا أيوب بن سلمة لخؤولته من هشام ولم يؤخذ بشيء من ذلك «2» . فلما قدموا على يوسف دخلوا عليه فسلموا، فأجلس زيدا قريبا منه، ولا طفه في المسألة، ثم سألهم عن المال فأنكروا، فأخرجه يوسف إليهم، وقال: هذا زيد بن علي، ومحمد بن عمر بن علي اللذان ادعيت قبلهما ما ادعيت قال: ما لي قبلهما قليل ولا كثير. قال له يوسف: أفبي كنت تهزأ وبأمير المؤمنين؟ فعذبه عذابا ظن أنه قد قتله.
ثم أخرج زيدا وأصحابه بعد صلاة العصر إلى المسجد فاستحلفهم، فحلفوا، فكتب يوسف إلى هشام يعلمه ذلك، فكتب إليه هشام خل سبيلهم، فخلى سبيلهم.
فأقام زيد بعد خروجه من عند يوسف بالكوفة أياما، وجعل يوسف يستحثه بالخروج فيعتل عليه بالشغل وبأشياء يبتاعها، فألح عليه حتى خرج، فأتى القادسية.
ثم إن الشيعة لقوا زيدا «3» فقالوا له: أين تخرج عنا- رحمك الله- ومعك مائة ألف سيف من أهل الكوفة والبصرة وخراسان يضربون بني أمية بها دونك، وليس قبلنا من أهل الشام إلّا عدة يسيرة. فأبى عليهم، فما زالوا يناشدونه حتى