العباس بن سعد إلى يوسف بن عمر يعلمه ما يلقى من الزيدية، وسأله أن يبعث إليه الناشبة، فبعث إليه سليمان بن كيسان في القيقانية وهم نجارية، وكانوا رماة، فجعلوا يرمون أصحاب زيد. وقاتل معاوية بن إسحاق الأنصاري يومئذ قتالا شديدا، فقتل بين يدي زيد. وثبت زيد في أصحابه حتى إذا كان عند جنح الليل رمى زيد بسهم فأصاب جانب جبهته اليسرى فنزل السهم في الدماغ، فرجع ورجع أصحابه، ولا يظن أهل الشام [أنهم] »
رجعوا إلّا للمساء والليل.
قال أبو مخنف: فحدّثني سلمة بن ثابت، وكان من أصحاب زيد، وكان آخر من انصرف عنه هو وغلام لمعاوية بن إسحاق، قال:
أقبلت أنا وأصحابي نقتفي أثر زيد «2» فنجده قد دخل بيت حرّان بن أبي كريمة في سكة البريد في دور أرحب وشاكر، فدخلت عليه [فقلت له جعلني الله فداك أبا الحسين] «3» وانطلق ناس من أصحابه فجاؤا بطبيب يقال له سفيان مولى لبني دواس «4» . فقال له: إنك إن نزعته من رأسك مت.
قال: الموت أيسر عليّ مما أنا فيه.
قال: فأخذ الكلبتين فانتزعه، فساعة انتزاعه مات صلوات الله عليه.
قال القوم: أين ندفنه؟ وأين نواريه؟
فقال بعضهم نلبسه درعين، ثم نلقيه في الماء.
وقال بعضهم: لا، بل نحتز رأسه، ثم نلقيه بين القتلى.
قال: فقال يحيى بن زيد: لا والله لا يأكل لحم أبي السباع.
وقال بعضهم: نحمله إلى العباسية فندفنه فيها. فقبلوا رأيي.
قال: فانطلقنا فحفرنا له حفرتين وفيها يومئذ ماء كثير، حتى إذا نحن