أمر أبو جعفر عيسى: إذا قتل محمدا إن قدر أن لا يذبح طائرا فليفعل، وقال له: أفهمت يا أبا موسى- ثلاثا- قال: فهمت. قال: فنفذ عيسى، ومعه أربعة آلاف «1» ، ومحمد بن أبي العباس، ومحمد بن زيد بن علي بن الحسين، والقاسم بن الحسن بن زيد، ومحمد بن عبد الله الجعفري، وحميد بن قحطبة. فسار عيسى، وبلغ محمدا مسيره فخندق على المدينة خندق رسول الله (ص) ، وخندق على أفواه السكك، فلما كان عيسى بفيد كتب إلى محمد بن عبد الله»
يعطيه الأمان، وبعث بكتابه إليه وإلى أهل المدينة مع محمد بن زيد فتكلم فقال: يا أهل المدينة، أنا محمد بن زيد، والله لقد تركت أمير المؤمنين حيا، وهذا عيسى بن موسى قد أتاكم، وهو يعرض عليكم الأمان.
وتكلم القاسم بن الحسن بمثل ذلك، فقال أهل المدينة: قد خلعنا أبا الدوانيق فكتب محمد إلى عيسى يدعوه إلى طاعته، ويعطيه الأمان.
قال المدائني فحدثني عبد الحميد بن جعفر، عن عبد الله بن أبي الحكم، قال:
قال محمد: أشيروا عليّ في الخروج عن المدينة أو المقام- حين دنا عيسى بن موسى من المدينة- فقال قوم: نقيم، وقال قوم: نخرج، فقال لعبد الحميد بن جعفر: أشر عليّ يا أبا جعفر.
قال: أنت في أقل بلاد الله فرسا وطعاما، وأضعفه رجلا، وأقلّه مالا وسلاحا، تريد أن تقاتل أكثر الناس مالا، وأشده رجالا، وأكثره سلاحا، وأقدره على الطعام؟ الرأي أن تسير بمن اتبعك إلى مصر [فو الله لا يردك راد] «3» ، فتقاتل بمثل سلاحه [وكراعه] «4» ورجاله وماله.
فقال جبير بن عبد الله «5» : أعيذك بالله أن تخرج من المدينة، فإن رسول الله (ص) قال عام أحد: رأيتني أدخلت يدي في درع حصينة فأولها بالمدينة.