استلبت وأنا غلام دوّامة من غلام، فاتبعني، وسعيت فدخلت دار أبي مروان فوجدت إبراهيم جالسا في جماعة من أصحابه محتبيا بحمالة سيف- وهي نسعة «1» مدنية عرضها أكثر من إصبع- ورجل قائم على رأسه، ودابة تعرض عليه، وذلك قبل خروجه بشهر، فلما كانت الليلة التي خرج فيها سمعنا تكبيرة بعد المغرب بهنيهة «2» ، ثم تتابع التكبير وخرجوا حتى صاروا إلى مقبرة بني يشكر، وفيها قصب يباع، فأقاموا في كل ناحية من المقبرة أطنانا، ثم ألهبوا فيها النار، فأضاءت المقبرة. وجعل أصحابهم الذين كانوا وعدوهم يأتونهم، فكلما جاءت طائفة كبّروا «3» حتى تم لهم ما أرادوا، ثم مضوا إلى دار الإمارة، بعد ما ذهبت طائفة من الليل.
حدّثنا يحيى بن علي بن يحيى، قال: حدّثنا عمر بن شبّة، قال:
حدّثنا نصر بن قديد، قال «4» :
خرج إبراهيم ليلة الاثنين غرة شهر رمضان سنة خمس وأربعين ومائة، فصار إلى بني يشكر، في أربعة عشر فارسا، وفيهم عبد الله بن يحيى بن حصين الرقاشيّ على برذون له أغرّ سمند «5» ، معتم بعمامة سوداء، يساير إبراهيم، فوقف في المقبرة منذ أول الليل إلى نحو من نصفه ينتظر نميلة، ومن وعده من [شق] «6» بني تميم حتى جاؤوه.
حدثنا يحيى بن علي، قال: حدثنا يونس بن نجدة، قال:
ألقى أصحاب إبراهيم النار في الرحبة، وأدنى القصر حتى أحرقوه.