النوفلي قال: حدثني أبي عن أبيه وعمه، قال:
إن عيسى بن زيد انصرف من وقعة باخمري بعد مقتل إبراهيم فتوارى في دور ابن صالح بن حي، وطلبه المنصور طلبا ليس بالحثيث. وطلبه المهدي وجدّ في طلبه حينا فلم يقدر عليه، فنادى بأمانه ليبلغه ذلك فيظهر، فبلغه فلم يظهر، وبلغه خبر دعاة له ثلاثة وهم: ابن علاق الصيرفي، وحاضر مولى لهم، وصباح الزعفراني، فظفر بحاضر فحبسه، وقرّره ورفق به واشتد عليه ليعرّفه موضع عيسى فلم يفعل، فقتله.
ومكث طول حياة عيسى يطلب صباحا وابن علاق فلم يظفر بهما.
ثم مات عيسى بن زيد فقال صباح للحسن بن صالح: أما ترى هذا العذاب والجهد الذي نحن فيه بغير معنى، قد مات عيسى بن زيد ومضى لسبيله وإنما نطلب خوفا منه، فإذا علم أنه قد مات أمنوه وكفوا عنا، فدعني آتي هذا الرجل- يعني المهدي- فأخبره بوفاته حتى نتخلص من طلبه لنا، وخوفنا منه.
فقال: لا والله لا تبشر عدو الله بموت ولي الله ابن نبي الله، ولا نقر عينه فيه ونشمته به، فو الله لليلة يبيتها خائفا منه أحبّ إليّ من جهاد سنة وعبادتها.
قال: ومات الحسن بن صالح بعده بشهرين، فحدث صباح الزعفراني قال:
أخذت أحمد بن عيسى، وأخاه زيدا فجئت بهما إلى بغداد فجعلتهما في موضع أثق به عليهما، ثم لبست أطمارا وجئت إلى دار المهدي، فسألت أن أوصل إلى الربيع وأن يعرف أن عندي نصيحة وبشارة بأمر يسر الخليفة. فدخلوا عليه فأعلموه بذلك فخرجوا إليّ فأذنوا لي، فدخلت إليه وقال: ما نصيحتك؟.
فقلت: لا أقولها إلّا للخليفة.
فقال: لا سبيل إلى ذلك دون أن تعلمني النصيحة ما هي.
فقلت: أما النصيحة فلا أذكرها إلّا له، ولكن أخبره أني صباح الزعفراني، داعية عيسى بن زيد، فأدناني منه ثم قال: