ثم دعا به المأمون فخاطبه في ذلك فامتنع، فقال له قولا شبيها بالتهدد، ثم قال له:
إن عمر جعل الشورى في ستة أحدهم جدك، وقال: من خالف فاضربوا عنقه، ولا بد من قبول ذلك.
فأجابه علي بن موسى إلى ما التمس.
ثم جلس المأمون في يوم الخميس، وخرج الفضل بن سهل فأعلم الناس برأي المأمون في علي بن موسى، وأنه ولّاه عهده، وسمّاه الرضا. وأمرهم بلبس الخضرة، والعود لبيعته في الخميس الآخر على أن يأخذوا رزق سنة.
فلما كان ذلك اليوم ركب الناس من القواد والقضاة وغيرهم من الناس في الخضرة، وجلس المأمون ووضع للرضا وسادتين عظيمتين حتى لحق بمجلسه وفرشه. وأجلس الرضا عليهما في الحضرة، وعليه عمامة وسيف. ثم أمر ابنه العباس بن المأمون فبايع له أول الناس، فرفع الرضا يده فتلقى بظهرها وجه نفسه وببطنها وجوههم.
فقال له المأمون: ابسط يدك للبيعة.
فقال له: إن رسول الله (ص) هكذا كان يبايع، فبايعه الناس، ووضعت البدر، وقامت الخطباء والشعراء، فجعلوا يذكرون فضل علي بن موسى وما كان من المأمون في أمره.
ثم دعا أبو عبّاد بالعباس بن المأمون، فوثب، فدنا من أبيه فقبّل يده وأمره بالجلوس.
ثم نودي محمد بن جعفر بن محمد، فقال له الفضل بن سهل: قم. فقام، فمشى حتى قرب من المأمون ولم يقبل يده، ثم مضى فأخذ جائزته وناداه المأمون:
ارجع يا أبا جعفر إلى مجلسك، فرجع.
ثم جعل أبو عبّاد يدعو بعلويّ وعباسيّ فيقبضان جوائزهما حتى نفدت الأموال.
ثم قال المأمون للرضا: قم فاخطب الناس وتكلم فيهم.
فقال بعد حمد الله والثناء عليه:
إن لنا عليكم حقا برسول الله (ص) ، ولكم علينا حق به، فإذا أديتم إلينا