مقدمة
...
بسم الله الرحمن الرحيم
تقديم:
الجهاد في سبيل الله جزء أساسي من رسالة الإسلام، وسمة بارزة للأمة الإسلامية، ومن غاياته الدفاع عن ديار الإسلام، وإزالة العوائق التي تقف في سبيل وصول الدعوة الإسلامية إلى شعوب الأرض، وغزو ديار الحرب لتحويلها إلى جزء من ديار الإسلام، أو إلى دار عهد يدفع أهلها الجزية للمسلمين[1].
ويجب التنبيه هنا إلى أن أصل الجهاد في سبيل الله ليس لحمل الناس على اعتناق الإسلام كرها، فـ {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [سورة البقرة: 256] ، وإنما لإزالة الحواجز والعقبات المانعة من سماع دين الفطرة التي فطر الله الناس علهيا، ولدفع الظلم عن المستضعفين في الأرض من الرجال والنساء والولدان. وكانت الدعوة إلى الإسلام وطرحه بأسلوب الحوار والمفاوضة الهادئة تسير جنبا إلى جنب مع الانتصارات العسكرية الباهرة التي حققتها الجيوش الإسلامية الفاتحة. وطريقة الحوار هذه كانت وسيلة من وسائل المسلمين المبتكرة في إقناع الشعوب بالتي هي أحسن كما تدعونا إلى ذلك أبواب الحوار والدعوة السلمية، ويكون أسلوب السيف هذا مؤقتا لإزالة العقبات التي تقف حائلا أمام تعريف الشعوب بعقيدة الإسلام.
وبهذه الأهداف السامية والغايات العالية انطلقت حركة الفتوحات الإسلامية منذ زمن النبي -صلى الله عليه وسلم، وتابعت مسيرتها في عصر الخلفاء الراشدن، "وظلت عجلتها تدور وتلف البلاد من حول ديار الإسلام، لا تترك بلدا لفقره وجذبه، إلى آخر لغناه وخصبه، وإنما كانت تبدأ بها أولا باول، تحاول في دأب وصبر واجتهاد أن تنقله من الشرك والوثنية إلى الإسلام وعقيدة التوحيد الخالصة"[2] ولم يوقف حركة الفتوحات الإسلامية في زمن الراشدين إلا أحداث الفتنة التي شهدتها المراحل الأخيرة من خلافة عثمان بن عفان -رضي الله عنه، وما تلاها من حروب داخلية بني الخليفة الراشد علي [1] د. محمد عبد الحميد الرفاعي: الطابع الإسلامي للدولة الأموية "ص213" -ط دار الثقافة العربية، القاهرة 1992م. [2] د. محمد ضيف الله بطاينة: دراسات في تاريخ الخلفاء الأمويين "ص219" ط دار الفرقان، عمان، الأردن، 1999م.