باب بيت النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال له مروان: إنما أردت أن يرى مكانك فعل اللَّه بك وفعل، وقال قولًا قبيحًا، ثم أدبر، فانصرف أسامة وقال: يا مروان، إنك آذيتني، وَإِنك فاحش متفحش، وَإِني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن اللَّه يبغض الفاحش المتفحش» . وكان أسامة أسود أفطس، وتوفي آخر أيام معاوية سنة ثمان أو تسع وخمسين، وقيل: توفي سنة أربع وخمسين، قال أَبُو عمر: وهو عندي أصح، وقيل: توفي بعد قتل عثمان بالجرف [1] ، وحمل إِلَى المدينة، روى عنه أَبُو عثمان النهدي، وعبد اللَّه بْن عَبْد اللَّهِ بْن عتبة وغيرهما.
أخرجه ثلاثتهم.
قلت: قد ذكر ابن منده أن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر أسامة بْن زيد عَلَى الجيش الذي سيره إِلَى مؤتة في علته التي توفي فيها. وهذا ليس بشيء، فإن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ استعمل عَلَى الجيش الذي سار إِلَى مؤتة أباه زيد بْن حارثة، فقال: إن أصيب فجعفر بْن أَبِي طالب، فإن أصيب فعبد اللَّه بْن رواحة، وأما أسامة، فإن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ استعمله عَلَى جيش وأمره أن يسير إِلَى الشام أيضا، وفيهم عمر بْن الخطاب، رضي اللَّه عنه، فلما اشتد المرض برسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أوصى أن يسير جيش أسامة، فساروا بعد موته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وليست هذه غزوة مؤتة، والله أعلم.
85- أسامة بن شريك
(د ب ع) أسامة بْن شريك الثعلبي. من بني ثعلبة بْن يربوع، قاله أَبُو نعيم. وقال أَبُو عمر: من بني ثعلبة بْن سعد، ويقال: من ثعلبة بْن بكر بْن وائل، وقال ابن منده: الذبياني الغطفاني أحد بني ثعلبة بْن بكر، عداده في أهل الكوفة.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ الْخَطِيبُ بِإِسْنَادِهِ إِلَى أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ وَالْمَسْعُودِيُّ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عَلاقَةَ قَالَ: «سَمِعْتُ أُسَامَةَ بْنَ شَرِيكٍ يَقُولُ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَصْحَابُهُ كَأَنَّمَا عَلَى رُءُوسِهِمُ الطَّيْرُ، فَجَاءَتْهُ الأَعْرَابُ مِنْ جَوَانِبٍ يَسْأَلُونَهُ عَنْ أَشْيَاءَ لا بَأْسَ بِهَا. فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَلَيْنَا مِنْ حَرَجٍ فِي كَذَا، عَلَيْنَا مِنْ حَرَجٍ فِي كَذَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عِبَادَ اللَّهِ، وَضَعَ اللَّهُ الْحَرَجَ أَوْ قَالَ: رَفَعَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْحَرَجَ إِلا مَنِ اقْتَرَضَ [2] أَمْرًا ظُلْمًا، فَذَلِكَ الَّذِي حَرِجَ وَهَلَكَ. وَرُوِيَ: إِلا مَنِ اقْتَرَضَ مِنْ عَرْضِ أَخِيهِ، فَذَلِكَ الَّذِي حَرِجَ وَسَأَلُوهُ عَنِ الدَّوَاءِ فَقَالَ: عِبَادَ اللَّهِ، تَدَاوَوْا، فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلا وَضَعَ لَهُ دَوَاءً إِلا الْهِرَمَ، وَسُئِلَ:
مَا خَيْرُ مَا أُعْطِيَ الرَّجُلُ؟ قَالَ: خُلُقٌ حَسَنٌ» . رَوَاهُ الأَعْمَشُ وَالثَّوْرِيُّ وَمِسْعَرٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَمَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ وَغَيْرُهُمْ كُلُّهُمْ عَنْ زِيَادٍ عَنْ أُسَامَةَ، وَخَالَفَهُمْ وَهْبُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الأَسَدِيُّ الْكُوفِيُّ فَرَوَاهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ الأَسَدِيِّ، فَقَالَ: عَنْ زِيَادٍ عَنْ قُطْبَةَ بْنِ مَالِكٍ، وَالأَوَّلُ أَصَحُّ. أَخْرَجَهُ ثَلاثَتُهُمْ.
قلت: قول ابن منده فيه نظر، فإنه إن كان غطفانيًا، فيكون من ثعلبة بن سعد بن ذبيان بن بغيض ابن ريث بْن غطفان، فكيف يكون من ثعلبة بْن بكر بْن وائل، وأولئك من قيس عيلان من مصر، وبكر [1] الجرف: موضع بينه وبين المدينة ثلاثة أميال. [2] أي أصاب ونال.