نام کتاب : الروضة الفيحاء في أعلام النساء نویسنده : الخطيب العمري، ياسين جلد : 1 صفحه : 33
وعلى كل حال، فالحذر الحذر بذكرهما بما فيه نقص فإن ذلك قد يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم وقد قال صلى الله عليه وسلم: "لا تؤذوا الأحياء بسبب الأموات" ولا ريب أن أذاه كفر يقتل فاعله إن لم يتب منه خصوصاً وهما ناجيان من التعذيب في الدار الآخرة لأنهما من أهل الفطرة، وقد دلت القواطع على أنه لا تعذيب حتى تقوم الحجة لقوله تعالى (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) وذكر في "شرح الجوهرة": قال الجلال السيوطي في "مسالك الحنفاء في والدي المصطفى": نقلت من مجموع بخط الشيخ كمال الدين والد شيخنا تقي الدين ما نصه: سئل القاضي أبو بكر بن العربي عن: من قال: إن أبا النبي صلى الله عليه وسلم في النار؟ فأجاب: بأنه ملعون، لأن الله تعالى قال: (إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة) قال: ولا أذى أعظم من أن يقال عن أبيه أنه في النار. ولما توفيت آمنة قدمت أم أيمن بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى عند عبد المطلب بعد خمسة أيام فضمه إليه، ورق عليه رقة لم يرقها على أحد من ولده فكان إذا أتى بطعام أجلسه إلى جنبه وربما أقعده على فخذه وكان يقول: إن لابني هذا شأنا، ولما صار له صلى الله عليه وسلم من العمر سبع سنين أصابه رمد شديد فعولج بمكة فلم يغن عنه، فأخذه عبد المطلب وسار إلى عكاظ، وكان دير قريب منها وفيه راهب يحسن معالجة الرمد، فدنا منه عبد المطلب، وكان الدير مغلقاً فنادى الراهب فلم يجبه، فتزلزل الدير فخاف الراهب سقوطه فخرج مبادرا، فقال: يا عبد المطلب، إن هذا الغلام نبي هذه الأمة ولو لم أخرج لخر علي ديري، فارجع به واحفظه، ثم عالجه وعاد به عبد المطلب إلى مكة ومات عبد المطلب ورسول الله صلى الله عليه وسلم ابن ثمان سنين وشهرين، وعاش عبد المطلب خمساً وتسعين سنة، وقيل: مائة وأربعين. وذكر الدمياطي: أنه اثنتان وثمانون سنة، وعن أم أيمن: أنه كان صلى الله عليه وسلم يبكي خلف سرير عبد المطلب، وهو ابن ثمان سنين ودفن بالحجون عند قصي. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "يبعث جدي عبد المطلب في زي الملوك" ولما حضرت عبد المطلب الوفاة أوصى به صلى الله عليه وسلم إلى عمه شقيق أبيه أبي طالب واسمه عبد مناف فكفله، وقيل: الزبير رضي الله عنه وقيل: كفلاه معاً، ومات الزبير ولرسول الله من العمر أربع عشرة سنة، وقيل: نيف وعشرون سنة، ومات أبو طالب قبل الهجرة بثلاث سنين، وقيل: بسنة وعمره سبع وثمانون سنة، وكان مصدقاً بنبوته صلى الله عليه وسلم ومصدقاً بالوحدانية، وإنما منعته الأنفة والحمية الجاهلية. ومن شفقته على النبي صلى الله عليه وسلم أنه فقده يومين فشق عليه ذلك، وظن أنهم اغتالوه، فالتمسه فلم يجده، فدعا أهله وأقاربه، وأعطى كل واحد سكيناً وقال لهم: ليجلس كل واحد منكم إلى جنب رجل من قريش، وأنا أصعد هذا الجبل أدور على محمد فإن وجدته فلا يحدث أحد منكم شيئا، وإن نعيته لكم فليضرب كل منكم من بجانبه، ونثيرها حربا، ثم صعد فوجده فقال: يا ابن أخي ظننت أنك قتلت وكدت أفتك في قومك، فأعلمني إذا خرجت إلى أي مكان تريد، فقال له: يا عم ألا أريك معجزة، فإني أحب أن يسعدك الله مما بعثت به؟ ثم دعا صلى الله عليه وسلم شجرة هناك فجاءت إليه، فقال: يا عم خذ من غصونها، ثم قال لها: عودي، فعادت، فقال: يا ابن أخي لهذا يقول لك قومك إنك ساحر. ثم أخذ بيده، وأقبل به ينادي إلى نادي قريش، فظنوا أنه يريد أن يسلمهم إياه. ثم قال لهم: قد كنت أراكم قتلتموه، ورب هذا البيت لئن كنتم فعلتم لقتل كل واحد من هؤلاء جليسه، أخرجوا شفاركم فأخرجوها، فلما رأت قريش ذلك يئسوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن شعر أبيات أبي طالب فيه قوله:
ألا بلّغنا عنّي على ذاتِ بيننا ... لوياً وخصّا، من لؤيٍّ بني كعبِ
بأنّا وجدنا في الكتابِ محمّداً ... نبيّاً كموسى خطَّ في أوّلِ الكتبِ
نام کتاب : الروضة الفيحاء في أعلام النساء نویسنده : الخطيب العمري، ياسين جلد : 1 صفحه : 33