نام کتاب : الروضة الفيحاء في أعلام النساء نویسنده : الخطيب العمري، ياسين جلد : 1 صفحه : 99
حُكي: أنّ الرئيس ابن سينا اجتمعت عنده فرقة من تلاميذته، وحرّضوه على أن يدّعي النبوّة فأبى وأعرض عنهم، وهم يلحّون عليه بذلك، فاتّفق أن ليلةً شاتية كان عنده بعض تلامذته فاستيقظ الشيخ الرئيس في السَّحر، وقال لتلامذته: ما أشدّ برد هذه الليلة! فقال له الرجل: نعم. فقال: أريد منك أن تذهب إلى رأس العين وتأتيني منه بماء حار حتّى أتوضّأ. فأبى ذلك الرجل وقال: إنّي لا أقدر أذهب من شدّة البرد، وكان المؤذّن فوق المنارة يؤذّن فقال له الشيخ الرئيس: أنتم تأمروني أن أدّعي النبوّة، والنبيّ لا يُردّ كلامه، وأنا أطلب منك شيئا يسيراً، وأنت تمتنع أن تفعله خوفا على نفسك، أما تسمع هذا المؤذّن في المنارة يدعو الناس إلى الصلاة ممتثلاً لأمر النبي محمد صلى الله عليه وسلم فأفٍّ لكم، أتريدون أن تضلّوني بعد إذ هداني الله؟ فالنبوّة لا تحصل بالكسب بل هي من عند الله يرسل جبرائيل، ويأمر الأنبياء والرسل بإظهار الدّعوة، وقد علمتم أن نبيّناً محمداً صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء والمرسلين، وقد صحّ عنه صلى الله عليه وسلم، أنّه قال: "لا نبيّ بعدي" فمن اعْتقد هذا فهو مؤمن، ومن جحد هذا فقد كفر.
[11]
حبابة جارية الخليفة يزيد بن عبد الملك بن مروان الأموي
كانت من أجمل نساء زمانها، اشتراها يزيد قبل أن يلي الخلافة بأربعة آلاف دينار، وأحبّها حبّاً شديداً، وهام بها، وترك القراءة، ومعاناة أمور المملكة فبلغ ذلك أخاه أمير المؤمنين سليمان، وحجر عليه، وأخذ منه الجارية حبابة وباعها، واستمر يزيد مقهوراً إلى أن ولي الخلافة، فاتّفق يوماً أنّ زوجته قالت له: هل بقي في نفسك شيء من الدنيا؟ قال: نعم قالت: وما هو؟ قال: حبابة. فأرسلت زوجته واشترت حبابة، من غير علمه، وزيّنتها وطيّبتها وأجلستها من وراء الستار، وهو لا يعلم، وقالت له: هل بقي في نفسك شيء من الدنيا؟ فقال يزيد: أما قلت [لك] بقي حبابة؟ فقالت: ها أنت وحبابة. وأمرتها بالخروج فخرجت عليه فرحّب بها، وقرّبها إليه، وخرجت زوجته من عنده، فكان ما كان ثم غلبت حبابة على عقل يزيد، وترك سياسة المملكة، ولم ينتفع بالخلافة، وقد شغف بحبابة فقال يوماً: الناس يقولون لم يصفُ الدهر لأحدٍ من الملوك يوماً واحداً، وإني أريد أكذّبهم: فأقبل على لذّاته واختلى مع حبابة يوماً بعد ما أحضر آنية المدام والطعام. فبينما هو في صفو عيش، وهو يلاعب حبابة، إذ تناولت حبابة حبّة رمان، وهي تضحك، فشرقت بها، وماتت من وقتها فطاش عقل زيد، واختلّ وذهبت مروّته، واعتلّ وتركها عنده أياماً لم يدفنها حتى جافت وهو يقبّلها ويلاعبها ويلعب بها. فاجتمع بنو أميّة، وعنّفوه، وهو لا يزداد إلاّ عشقاً، ثم دفنها فهاجت بلابله ونبشها بعد أيّام وقد تفصّلت مفاصلها ثم دفنها، ولم يعش بعدها سوى خمسة عشر يوماً، ومات سنة مائة وخمس.
قال في الطب: العشق مرض وسواسي يجلبه الإنسان إلى نفسه بتسليط فكره على استحسان بعض الصور والشمائل التي تكون في المحبوب، وقال أرسطو: هو عماء الحس عن إدراك عيوب المحبوب، وأكثر ما يعتري الغرباء والبطّالين، وعلامة العشق غور العينين وجفافها، وسمن الجفن مع قلّة الحركة والسّهر، وهزل البدن، واختلاف النّبض عند الذكر الحبيب، وتغيّر اللون، قال الشاعر:
علامةُ منْ أخفى الهوى بفؤادهِ ... إذا ما رأى محبوبهُ يتغيّرُ
ويصفرُّ منهُ الوجهُ بعدَ احمرارهِ ... وإنْ خاطبوهُ بالكلامِ تعثّرُ
نام کتاب : الروضة الفيحاء في أعلام النساء نویسنده : الخطيب العمري، ياسين جلد : 1 صفحه : 99