نام کتاب : المعجم الجامع في تراجم المعاصرين نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 1 صفحه : 210
عبد الفتاح أبوغدة
ولادته:
ولد الأستاذ الشيخ عبد الفتاح بن محمد بن بشير بن حسن أبوغدة -يرحمه الله تعالى- في مدينة حلب الشهباء شمالي سورية، في 17 رجب 1335 الموافق 9 مايو 1917 في بيت ستر ودين، وكان هو الأخ الثالث والأصغر بين إخوته الذكور، فيما تكبره أخته الحاجة شريفة وتصغره أخته الحاجة نعيمة أمد الله في عمريهما.
وكان والده محمد - يرحمه الله - رجلاً مشهوراً بين معارفه بالتقوى والصلاح والمواظبة على الذكر وقراءة القرآن، وكان يعمل في تجارة المنسوجات التي ورثها عن أبيه، حيث كان الجد بشير- يرحمه الله تعالى- من تجار المنسوجات في حلب، والقائمين على صناعتها بالطريقة القديمة، أما والدة الشيخ فهي السيدة فاطمة مزكتلي المتوفاة سنة 1376-1956.
وينتهي نسب الشيخ رحمه الله تعالى من جهة والده إلى الصحابي الجليل خالد بن الوليد رضي الله عنه، وكان لدى أسرة الشيخ شجرة تحفظ هذا النسب وتثبته أما اسم أبوغدة فهو حديث نسبيا ومن فروع العائلة فرعان يحملان اسم صباغ ومقصود.
وقد عمل الشيخ في حداثته بالنسيج مع والده وجده رحمهم الله ثم عمل أجيراً مع الحاج حسن صباغ في سوق العبي، وكان من زملائه الحاج عبد الرزاق قناعة أمد الله في عمره، ولا تزال الدكان التي عمل بها موجودة يعمل فيها آل أبو زيد أصهار الشيخ عبد الباسط أبو النصر.
عائلته
كان والد الشيخ وجده رحمهما الله يعملان - كما أسلفنا في النسيج وصباغته - وقد تزوج من السيدة فاطمة مزكتلي، وقد توفي جد الشيخ بشير عام 1355/1935 عن عمر يناهز 95 سنة ويقال أنه لم يسقط له سن، فيما توفي والد الشيخ رحمهم الله جميعا عام 1360/1940 عن 63 عاما، وللشيخ أخوان من الذكور وأختان من الإناث، هم:
عبد الكريم 1322-1 شعبان 1402/1905-24/5/1982: ومن أولاده محمد سعيد رحمه الله وهو من أوائل الصناعيين بحلب، والدكتور عبد الستار الحائز على شهادة الدكتوراه في الفقه من الأزهر والذي عمل مع الأستاذ مصطفى الزرقا في موسوعة الفقه الإسلامي في الكويت ويعمل مستشارا شرعيا لكثير من المصارف الإسلامية وعلى رأسها شركة دلة في جدة، وكان الشيخ قد وجهه لطلب العلم الشرعي وأدخله في نشأته دار الحفاظ في جامع العثمانية، وعبد الهادي الذي توفي في 25 محرم 1384 المصادف 5/6/1964 في حلب بسرطان الدم وأهداه الشيخ كتابه (رسالة المسترشدين) .
عبد الغني 1328/-28 ذي الحجة 1393/1907- 22/1/1974: ومن أولاده أحمد تاجر العقار في حلب، والشيخ الدكتور حسن أبوغدة الأستاذ في جامعة الملك سعود، وله من الأحفاد الشيخ الناشئ معن حسين نعناع وفقه الله ويعمل أمينا للمكتبة في المدرسة الكلتاوية في حلب، والتي يديرها فضيلة الشيخ محمود الحوت.
السيدة شريفة زوجة السيد محمد سالم بيرقدارالمتوفى سنة 1398/1978 عن 73 عاما، وقد ولدت - أطال الله في عمرها ومتعها بالعافية - عام 1332/1914 ولها من الذكور الأستاذ عبد المعطي رجل الأعمال المعروف في مدينة حلب والمولود فيها عام 1365/1944.
السيدة نعيمة زوجة السيد علي خياطة والمولودة عام 1920: ولها من الأولاد محمود ويعمل في صناعة البلاستيك، وسعد الدين ومحمد، ولها من الأحفاد غياث طالب العلم الشرعي في المدرسة الكلتاوية في حلب.
تزوج الشيخ من السيدة فاطمة دلال الهاشمي اخت صديقه الدكتور علي الهاشمي، ووالدها المرحوم عبد اللطيف هاشمي ووالدتها المرحومة السيدة نبيهة كبه وار، فكانت له نعم الزوجة الصالحة، نهضت عنه بعبأ البيت وتربية الأولاد ليتفرغ للدعوة والعلم الشرعي، ووقفت بجانبه في الشدائد والأمراض خير زوجة وأنيس. وللشيخ ثلاثة أبناء وثمان بنات، هم على التوالي:
محمد زاهد (محرم 1372=25/9/1952) : أسماه الشيخ على اسم والده وأستاذه، وقد حاز شهادة البكالوريوس في الهندسة المدنية من جامعة الرياض ثم الماجستير في إدارة الأعمال من جامعة تورنتو حيث يقيم الآن في كندا، وله بعض المشاركات في العلم الشرعي والأدب. وهو متزوج من السيدة نجوى ناصر آغا ولهما أربعة أبناء أكبرهم عبد الفتاح.
السيدة ميمونة وهي متزوجة من المهندس فاروق أبو طوق المولود في حماة والذي يعمل مهندسا في مكة المكرمة، ولهما ولد واحد من الذكور هو المهندس أسامة.
السيدة عائشة وهي متزوجة من المهندس صلاح الدين مراد آغا المولود في حماة والذي يقيم الآن في فانكوفر بكندا، ولهما أربعة أولاد من الذكور، وتحمل شهادة البكالوريوس في اللغة العربية.
الدكتور أيمن المتخصص بأمراض القلب والذي يعمل طبيبا في مدينة ريجاينا إلى جانب عمله في إدارة المدرسة الإسلامية، وهو متزوج من السيدة منى عبد الحسيب الياسين المولودة في حماة، وله من الأولاد صبيان وأربع بنات.
السيدة فاطمة ولها أربعة أولاد من الدكتور أحمد البراء الأميري وهو نجل الأديب الشاعر الأستاذ عمر بهاء الدين الأميري رحمه الله. وتحمل شهادة البكالوريوس في اللغة العربية.
السيدة هالة المتزوجة من المهندس عبد الله المصري الذي يعمل في ميدان المقاولات بالمملكة العربية السعودية، وتحمل شهادة البكالوريوس في اللغة العربية.
السيدة حسناء وهي متزوجة من الدكتور بشار أبوطوق المولود في حماة والذي يعمل جراح أطفال في مستشفى الأطفال بالرياض، ولهما أربعة أولاد من الذكور.
السيدة لبابة وهي متزوجة من المهندس عمر عبد الجليل أخرس المولود في حلب والذي يقيم الآن في تورنتو بكندا، وتحمل شهادة الماجستير في أصول الدين.
الشيخ سلمان وهو متزوج من السيدة نهى غازي شبارق حفيدة السيد عبد الجليل شبارق أحد أحباء الشيخ القدامى في حلب، ولهما ولدان وبنت، ويحمل الشيخ سلمان شهادة الماجستير في الحديث ويعمل باحثا في مجمع الفقه الأسلامي في جدة.
السيدة أمامة وهي متزوجة من الدكتور عبد الله أبوطوق المولود في حماة والذي يقيم في تقويم الأسنان بجدة، وتحمل شهادة البكالوريوس من كلية الدعوة بجامعة الإمام.
السيدة جمانة وهي متزوجة من المهندس محمد ياسر عبد القادر كعدان المولود في حلب والذي يعمل مهندسا كيميائيا في مجال تحلية المياه في تورنتو بكندا
ولزوجة الشيخ أخوان هما:
الدكتور محمد علي الهاشمي: أستاذ الأدب العربي في جامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض والكاتب والأديب المعروف.
الدكتور محمد عادل الهاشمي أستاذ الأدب الإسلامي في جامعة عجمان وصاحب المؤلفات المعروفة في هذا المجال.
طلبه العلم
شعر جده أن الشيخ سيكون له شأن آخر ولمس ذكاءه وتطلعه لطلب العلم فألحق الشيخ بالمدرسة العربية الإسلامية في حلب، حيث درس فيها أربع سنوات ثم التحق من تلقاء نفسه سنة 1356ِ/1936 بالمدرسة الخسروية التي بناها خسرو باشا أحد ولاة حلب أيام الدولة العثمانية، والتي تعرف الآن باسم الثانوية الشرعية وتخرج منها سنة 1362/ 1942، ومما يجدر ذكره أن الشيخ عندما تقدم للمدرسة كانت سنه تزيد سنة على السن القانونية، وكان زوج أخته السيد محمد سالم بيرقدار على علاقة طيبة بالأستاذ مجد الدين كيخيا مدير أوقاف حلب آنذاك، فحدثه في أمره فاستثناه من شرط السن.
شيوخه وأساتذته
شيوخه في مدينة حلب:
الشيخ راغب الطباخ (1293-1370/1877-1951) الذي كان عالما في الحديث والتاريخ، ألف ونشر كتباً عديدة من أبرزها "إعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء" في سبعة مجلدات
الشيخ أحمد بن محمد الزرقا (1285-1357/1869-1937) العالم ابن العالم، الأصولي الفقيه الحنفي المتفنن، والد فضيلة الشيخ مصطفى الزرقا رحمها الله.
الشيخ عيسى البيانوني: (1290-28 ذي الحجة 1362/1874-26/12/1942) العالم الفقيه الشافعي، كان مسجده يعرف بمسجد أبي ذر - وهو في كتب التاريخ دار سبط ابن العجمي - ويقع في الجبيلة بالقرب من بيت والد الشيخ، فكان الشيخ يتردد عليه قبل طلبه العلم وبعده، وقد تركت تقواه وصلاحه أثرا لا يمحى في نفس الشيخ، وكان ولده الشيخ أحمد المتوفى سنة 1394/1974 من أقرب الأصدقاء للشيخ وألف معه كتابا اسمياه "قبسات من نور النبوة"، أما أحفاد الشيخ عيسى الشيخ الدكتور أبي الفتح والشيخ أبي النصر فقد تتلمذوا على الشيخ في كلية الشريعة بدمشق.
الشيخ محمد الحكيم (1323-1400/1904-1980) : الفقيه الحنفي ومفتي الحنفية في حلب.
الشيخ أسعد عبجي (1305-1392/1895-1972) : الفقيه الشافعي ومفتي الشافعية بحلب.
الشيخ أحمد بن محمد الكردي (1299-1377/1885-1957) :العلامة الفقيه الحنفي البارز
الشيخ محمد نجيب سراج الدين (1292-1373/1876-1954) : العلامة الرباني الفقيه المفسر الواعظ، والد الشيخ عبد الله سراج الدين زميل الشيخ والعالم المرموق رحمه الله تعالى.
الشيخ مصطفى الزرقا (1321-19 ربيع الأول 1420/1901-3/7/1999) ابن العلامة الشيخ أحمد الزرقا والفقيه الأصولي المتفنن، فقيه عصره لا سيما في المعاملات والفقه المقارن، وهو إلى جانب ذلك ضليع باللغة العربية والأدب، تتلمذ على يديه ألوف من المشايخ والحقوقيين خلال تدريسه في جامعة دمشق 1944-1966، ولا يزال كتابه المدخل الفقهي العام مرجعا أساسا في فهم علم الفقه ودراسته
دراسته في الأزهر
بعد تخرجه من الثانوية الشرعية، رحل الشيخ في طلب العلم إلى مصر عام 1364/1944 للدراسة في الأزهر الشريف، فالتحق بكلية الشريعة ودرس فيها على يد نخبة من كبار علمائها في القترة ما بين 1364-1368/ 1944-1948، ثم تابع دراسته فتخصص في علم النفس أصول التدريس في كلية اللغة العربية في الأزهر أيضاً وحاز على شهادتها سنة 1370/1950.
شيوخه في الأزهر:
الشيخ محمد أبو زهرة (1316-1395/1898-1974) : العلامة، الأصولي، الفقيه، كتب أكثر من أربعين كتابا في أصول الفقه وتاريخه ومقارنته، أثنى ثناء عاطرا على الشيخ عبد الفتاح في رسائله إليه.
الشيخ محمد الخضر حسين (1292-1377/1876-1958) : علامة التفسير والفقه في زمانه لاسيما الفقه المالكي والفقه المقارن، انتهت إليه إمامة الأزهر.
الشيخ يوسف الدجوي (1310-1383/1893-1963) : الفقيه العلامة.
الشيخ عبد المجيد دراز: الفقيه العلامة.
الشيخ أحمد محمد شاكر (1310-1383/1893-1963) : المحدث العلامة
الشيخ محمود بن محمد شلتوت (1310-1383/1893-1963) : المفسر والفقيه وشيخ الجامع الأزهر
الشيخ مصطفى صبري (1286-1373/1869-1954) : شيخ الخلافة العثمانية سابقا، هاجر إلى مصر هربا من اضطهاد أتاتورك، وعاش عيشة كفاف وكرامة، كان عالما بالحديث والأصول والفقه الحنفي والفقه المقارن، والفلسفة والسياسة، من أبرز كتبه
الشيخ عبد الحليم محمود (1328-1398/1907-1978) : المفسر، الأصولي، الفقيه، المتصوف، الأديب، انتهت إليه إمامة الأزهر
الشيخ عيسى منون (1306- 4 جمادى الثانية 1376/1889-1956) : الفقيه الأصولي الشافعي ولد بفلسطين وتوفي بالقاهرة.
الشيخ زاهد الكوثري (1296-1371/1879-1952) أمين المشيخة في الدولة العثمانية هاجر إلى مصر هربا من اضطهاد أتاتورك، وعاش عيشة كفاف وكرامة، كان عالما بالحديث والأصول والفقه الحنفي والفقه المقارن، ورث عنه الشيخ عبد الفتاح معرفته وولعه بالكتب والمخطوطات وأماكنها، حقق ونشر كثيرا من الكتب والمخطوطات.
الشيخ أحمد بن عبد الرحمن البنا الساعاتي (1301-1375/1885-1958) والد الإمام حسن البنا، كان عالما بالحديث والفقه الحنبلي.
الشيخ عبد الوهاب خلاف (1305-1375/1888-1956) : المحدث، الأصولي، الفقيه، الفرائضي ألف ونشر كثيرا من الكتب، من أبرزها: أصول الفقه.
زملاؤه في الدراسة في مصر
درس مع الشيخ في مصر لفيف مبارك من علماء الأمة الإسلامية نذكر فيما يلي بعضا منهم وقد أشرنا بنجمة * لمن توفاه الله:
الشيخ محمد الحامد*: العالم التقي الصالح توفي بحماة في سورية
الشيخ محمد علي المراد*: العالم الفقيه ولد بحماة في سورية توفي بالمدينة المنورة
الشيخ محمد علي مشعل: ولد بحمص في سورية ويعيش بجدة في المملكة العربية السعودية
الشيخ محمود صبحي عبد السلام: من ليبيا، وكان أول أمين عام لجمعية الدعوة الإسلامية العالمبة عندما تأسست عام 1972 في ليبيا
الشيخ د. محمد فوزي فيض الله: ولد بحلب ودرس في كليات الشريعة بجامعتي دمشق والكويت
الشيخ سيد سابق*: الفقيه المعروف صاحب كتاب فقه السنة ولد وتوفي بمصر.
كان الشيخ عبد الفتاح أبوغدة بشخصيته القوية المتميزة، شخصية العالم المسلم العامل المجاهد، فهو واسع العلم، رحب الإطلاع، يعيش قضايا أمته وعصره، يضع هموم المسلمين نصب عينيه، مدركاً كل الأبعاد التي تحيط بهم وهو مع اتصافه بكل ما تقتضيه شخصيته العلمية، من رزانة وهيبة ووقار، حلو الحديث، رشيق العبارة، قريب إلى قلوب جلسائه، يأسرهم بحسن محاضرته، وطيب حديثه، وبُعد غوره، مع حضور بديهة، وحسن جواب، فلا غرو بعد ذلك أن تلتقي عليه القلوب، وتتعلق به النفوس، وأن يكون موضوع الحب والتقدير والثقة لدى جميع من خالطه من إخوانه وأحبابه، وهو إلى جانب ذلك كان بعيداً عن الغلو والانفعال، يزن الأمور بميزانها الشرعي الدقيق، وقد أخذ بذلك نفسه وتلامذته، ولا أدل على ذلك، من أن يستشهد الإنسان بموقف الشيخ رحمه الله تعالى، من العالم الجليل الإمام ابن تيمية رحمه الله تعالى، فقد كان الشيخ يدرس ويعلم في بيئة فيها كثير من التحفظ تجاه الإمام ابن تيمية، وإذا أضفنا إلى ذلك تتلمذ الشيخ على الشيخ محمد زاهد الكوثري رحمه الله، وكان هو الآخر شديد الازورار عن الإمام ابن تيمية، إلا أن كل هذا وذاك لم يمنعا الشيخ عبد الفتاح أن ينصف شيخ الإسلام، وأن يذكره في مجالس علمه في مدينة حلب في الخمسينيات والستينيات، بما هو أهل له، وأن يغرس في نفوس أجيال الشباب من الدعاة والعالمين حبه واحترامه، على أنه العالم المجاهد وأن يفعل الشيء نفسه بالنسبة لتلميذه الإمام ابن القيم رحمه الله غير عابئ بما يجره ذلك من مخالفة من الوسط العلمي، أو مخالفة شيخ له، يحبه ويجله ويرى في ابن تيمية ما لا يراه.
وعلى الصعيد الشخصي كان الشيخ مثالا لا يجارى في الأخلاق والذوق والكياسة، تأثر به كل من احتك به، كان رفيقا شفيقا يفضل التلميح على التصريح، متأسيا بأخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان شامة بين العلماء، ويحب للمسلم أن يكون شامة بين الناس اتباعا لهدي المصطفى عليه أفضل الصلاة والتسليم، وكان يحب اللباس المتوسط النظيف البعيد عن المغالاة، ويحرص على نظافة ملابسه وحذائه، لا يفارقه الطيب في كل أحيانه يشتريه من حلب من محل كرزة وفتوح أو ينفحه به محبه الحاج عبد الغني بوادقجي، ومن قرأ كتابه (من أدب الإسلام) أدرك الذوق الرفيع والخلق السامق الذي تمتع به رحمه الله.
كان خط الشيخ مثالا في الإتقان يعجب به كل من رآه، وكان حريصا على انتقاء أٌقلامه من أجود الأقلام ليبقى خطه متسقا منسجما، وكان يستعمل في أول أمره قلم حبر من صنع ألماني Tropen ثم استعمل قلم باركر ثم استعمل في السنين الأخيرة من حياته قلم الحبر الجاهز، وكان رحمه الله يرغب في الحبر السائل ويعرض عن الحبر الجاف، ويستعمل قلم الرصاص للتعليقات والملاحظات السانحة، حيث كان لا يفارقه قلم صغير وأوراق يقيد بها الخواطر والأفكار.
عمله في التدريس بسورية
بعد أن أكمل الشيخ دراسته في مصر، عاد إلى سورية وتقدم سنة1371/1951 م لمسابقة اختيار مدرسي التربية الإسلامية لدى وزارة المعارف فكان الناجح الأول فيها، ودرس مادة التربية الإسلامية أحد عشر عاماً في أبرز ثانويات حلب: هنانو، والمأمون، والصنائع، كما شارك في تأليف الكتب المدرسية المقررة لهذه المادة، ودرّس إلى جانب ذلك في المدرسة الشعبانية، وهي مدرسة شرعية أهلية متخصصة بتخريج الأئمة والخطباء، ودرّس في الثانوية الشرعية "الخسروية" التي تخرج فيها، ثم انتدب للتدريس في كلية الشريعة في جامعة دمشق، ودرّس فيها لمدة ثلاث سنوات "أصول الفقه" و"الفقه الحنفي" و "الفقه المقارن بين المذاهب" وقام بعد ذلك بإدارة موسوعة "معجم فقه المحلى لابن حزم" وكان قد سبقه للعمل فيه بعض الزملاء فأتمه، وأنهى خدمته، وطبعته جامعة دمشق في ضمن مطبوعاتها في مجلدين كبيرين..
نشاطه الدعوي في سورية
بعد أن عاد الشيخ إلى بلده سورية، حمل على عاتقه عبء الدعوة إلى الله تعالى، فكان له نشاطه الدعوي، وتعلق الإخوان بدورهم بالشيخ رحمه الله تعالى ووثقوا به،
منذ عودته إلى سورية من مصر، كان الشيخ إلى جانب عمله في التدريس، نشيطا في الدعوة إلى الله، فنال ثقة العامة والخاصة، واحترام أقرانه، لورعه وتقواه وعلمه ورجاحة عقله وحكمته، فكان مرشداً وسنداً وموئلاً،. بل وكان بشخصيته المتميزة وسلوكه السامق مدرسة دعوية حية متحركة، تتلمذ عليه فيها ثلاثة أجيال أو أكثر من الدعاة العاملين، كلهم يفخر بأنه قد نال شرف الاغتراف من بحر فضيلته رحمه الله تعالى وأفسح له في جناته، وكانت دروس مادة التربية الدينية التي يدرسها من أحب الدروس للطلبة وموضع إقبالهم واهتمامهم، بعد أن كانوا يعرضون عن أمثالها.
وفي مسجد "الخسروية" حيث كان يجتمع أسبوعياً آلاف المصلي لحضور خطبة الجمعة، كان الشيخ يطرح على منبره قضايا الإسلام والمسلمين المعاصرة متصدياً للاستبداد، وللنزعات العلمانية، غير عابئ بما قد يناله من أذى، مرددا بجرأة العالم المسلم المجاهد قولة الصحابي الشهيد خباب بن الأرت:
ولست أبالي حين أقتل مسلماً على أي جنب كان في الله مصرعي
أما دروسه فقد كانت تغص بها المساجد ويتحشد لها المستمعون، وكان للشيخ الأنشطة التالية:
خطبة الجمعة الأسبوعية، التي كان يلقيها على منبر الجامع الحموي أولا، ثم جامع الثانوية الشرعية "الخسروية"
جلسة للتفقه في الدين بعد خطبة الجمعة فيها أسئلة وأجوبة، تغطي حياة المسلمين الخاصة والعامة، يجيب الشيخ فيها عن جميع التساؤلات بمنهج رشيد سديد، يربط الفتوى بدليلها الشرعي، وبالعصر الذي يعيشه المسلمون، ممعناً في الترغيب والترهيب والتوجيه
درس في الحديث والتربية والتهذيب بين مغرب وعشاء يوم الخميس في جامع سيف الدولة
درس في الفقه بين مغرب وعشاء يوم الإثنين في جامع زكي باشا المدرس، بالإسماعيلية حيث كان الشيخ يغمر الحاضرين بواسع علمه، في المقارنة بين المذاهب وذكر الأدلة والترجيح بين الأقوال
درس متقطع في السيرة في جامع الصديق بالجميلية
إلى جانب هذا الدروس كان للشيخ لقاءات دورية مع علماء حلب ومدرسي التربية الدينية فيها للتشاور فيما يهم المسلمين في المدينة ومايتعلق بالتعليم فيها، وهو في كل ذلك عمدة الميدان والمشار إليه بالبنان.
انتخب الشيخ سنة 1382/1961م نائباً عن مدينة حلب، بأكثرية كبيرة، فنال بذلك ثقة مواطنيه، على الرغم من تألب الخصوم عليه من كل الاتجاهات، ومحاولاتهم المستميتة للحيلولة بينه وبين الوصول إلى مجلس النواب، وفي مجلس النواب السوري، قام الشيخ عبد الفتاح مع إخوانه بنصرة قضايا الإسلام والمسلمين في سورية، وقد أشار الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله في مذكراته لبعض مواقف الشيخ إزاء محاولات من جهات شتى لإغفال الإسلام دينا للدولة من الدستور السوري، وفي عام 1965 بعد عامين على حل المجلس النيابي، غادر الشيخ سورية ليعمل مدرسا في كلية الشريعة بالرياض، ولما عاد إلى بلده في صيف 1386/1966 أدخل السجن مع ثلة من رجال العلم والفكر والسياسة، ومكث في سجن تدمر الصحراوي مدة أحد عشر شهرا، وبعد كارثة الخامس من يونيو/حزيران سنة 1967 م أفرجت الحكومة آنذاك عن جميع المعتقلين السياسيين، وكان الشيخ رحمه من بينهم.
كانت عضوية الشيخ في جماعة الإخوان المسلمين مبنية على قناعته بضرورة العمل الجماعي لنصرة الإسلام والمسلمين لا جريا وراء المناصب والمسميات، فقد كان التفرغ للعلم والتحقيق الرغبة الدائمة التي رافقته طوال حياته، ومع رغبة الشيخ الملحة في الانصراف بكليته إلى الجانبين العلمي والدعوي، فقد اضطر أكثر من مرة، أن يستجيب لرغبة إخوانه، فيتحمل معهم بعض المسؤوليات التنظيمية، فكان أن تولى - على غير رغبة منه أو سعي - منصب المراقب العام للإخوان المسلمين في سورية مرتين، ثم تخلى عنه في أقرب فرصة مناسبة متفرغاً للعلم والتأليف.
حياته في السعودية
بعد خروجه من السجن انتقل الشيخ ثانية إلى المملكة العربية السعودية، متعاقداً مع جامعة الإمام محمد بن سعود في الرياض حيث عمل مدرساً في كلية الشريعة ثم في المعهد العالي للقضاء الذي أسس حديثا، وأستاذاً لطلبة الدراسات العليا، ومشرفاً على الرسائل العلمية العالية، فتخرج به الكثير من الأساتذة والعلماء، وقد شارك خلال هذه الفترة 1385-1408/1965-1988 في وضع خطط جامعة الإمام محمد بن سعود ومناهجها، واختير عضواً في المجلس العلمي فيها، ولقي من إدارة الجامعة ومدرائها فضيلة الشيخ عبد العزيز بن محمد آل الشيخ، والدكتور عبد الله عبد المحسن التركي كل تكريم وتقدير، ولقي مثل ذلك من فضيلة المفتي الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله تعالى الذي ترجم له الشيخ في كتابه "تراجم ستة من علماء العالم الإسلامي في القرن الرابع عشر"، كما كان محل احترام وتقدير من وزير المعارف المرحوم حسن بن عبد الله آل الشيخ.
انتدب الشيخ أستاذاً زائراً لجامعة أم درمان الإسلامية في السودان ولجامعة صنعاء في اليمن، ولمعاهد الهند وجامعاتها، وشارك في الكثير من الندوات والمؤتمرات الإسلامية العلمية، التي تعقد على مستوى العالم الإسلامي، وكانت له جهود طيبة في جميع هذه المجالات حيث درس في الأردن والباكستان وتركيا والجزائر والعراق وقطر، وعمل فترة في جامعة الإمام محمد بن سعود في الرياض ثم انتقل للعمل متعاقداً مع جامعة الملك سعود في الرياض وقبل وفاته بسنوات تفرغ من العمل وعكف على العلم والتأليف حتى وافته المنية رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.
كذلك اختير الشيخ لتمثيل سورية في المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي بعد شغور مقعدها بوفاة الشيخ حسن حبنكة الميداني، فقام بذلك خير قيام مع الأعضاء الآخرين لنشر الدعوة إلى الله ومتابعة قضايا المسلمين في العالم حتى توفاه الله تعالى.
عودته إلى سورية
تلقى الشيخ في عام 1405/1995 دعوة من الرئيس حافظ الأسد ليعود إلى سورية، حيث أعرب على لسان فضيلة الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي أنه يكن احتراما كبيرا للشيخ وعلمه ويرغب أن يكون بين أهله وفي بلده، ومبديا رغبته في الالتقاء بالشيخ، وقد استجاب الشيخ لهذه المبادرة الطيبة آملا أن تكون بداية لرأب الصدع الذي حصل في سورية في عقد الثمانينيات فعاد إلى سورية مؤملاً تقريب وجهات النظر وتخفيف المعاناة التي أدت إليها أحداث مؤسفة سابقة أواخر حياته، ولم يقدر أن يلتقي الرئيس بالشيخ الذي كان موضع حفاوة رسمية ممن التقى به من المسئولين، وأتاحت له عودته إلى سورية بعد غياب دام سبعة عشر عاما أن يرى بلده قبل وفاته، وينعم بفيض الحب الغامر من محبيه وعارفي فضله الذين تقاطروا على بيته، والمسجد الذي يصلي فيه، حيث كان الشيخ يصلي الصلوات في جامع الروضة، ويصلي الجمعة في مسجد الرحمة بحي حلب الجديدة، فكان المصلون يهرعون إليه حيثما كان في مشاهد تزدان بالوفاء النادر والمحبة العامرة في القلوب.
وقد تشرف بخدمة الشيخ في حلب في هذه الفترة تلميذه الشيخ مجاهد شعبان رحمه الله والحاج عدنان قناعة فكان الأول رهن إشارة الشيخ للتحقيق العلمي والمذاكرة في أبواب الفقه والأدب، يسجل فوائد يستقيها من الشيخ في دفتر خاص، وكان الحاج عدنان يقوم بقضاء مصالح الشيخ المعيشية، فجزاهما الله خير الجزاء.وفي هذه الفترة قام الشيخ برحلة إلى قلعة شيزر قرب حماة، وهي قلعة الأمير المجاهد الأديب أسامة بن منقذ الذي كان الشيخ رحمه الله معجباً بشخصيته التي تتبدى من مذكراته حول حقبة الحروب الصليبية وتخلف الصليبين الحضاري والعلمي، وكان معه في هذه الرحلة الشيخ مجاهد شعبان والمهندس محمد خضرو رحمهما الله والشيخ الناشئ محمود نور الدين مجاهد شعبان وفقه الله. ومما ينبغي ذكره أن الشيخ مجاهد قد توفي رحمه الله عام 1420/2000 في حادث سيارة ثم تلاه المهندس محمد خضرو عام 1421/2001 رحمهما الله رحمة واسعة.
مرضه ووفاته
على إثر تلقيه رسالة سنة 1394/1974 تخبره بوفاة أخيه عبد الغني تأثر الشيخ تأثرا شديداً أصيب على إثره بأزمة قلبية شديدة ألزمته المستشفى بضعة أسابيع، ولكن الله عز وجل عافاه، ورغم أنه مر بشدائد كثيرة فيما بعد إلا أن حالته الصحية فيما يختص بالقلب بقيت مستقرة طوال حياته، وفي عام 1409/1989 أحس الشيخ بقصور في بصره، أدخل على إثره مستشفى الملك خالد للعيون في الرياض حيث تولى علاجه تلميذه الدكتور ظافر وفائي الذي شخص مرضه بتهتك في اللطخة الصفراء في الشبكية تصبح معه الرؤية الأمامية - وكذلك القراءة - متعذرة، والعلاج الوحيد هو إيقاف تقدم المرض بأشعة الليزر دون أن يتمكن المريض من استرجاع ما فقده من إبصار، وقد اعتمد الشيخ بعدها في القراءة على جهاز مكبر أشيه بالتلفاز يحمله حيث ذهب، وأصبح عبء القراءة والمراجعة على زوجته التي تفرغت تماما لرعايته والعمل معه.
وفي سنة 1412/1992 اشتبه الأطباء بوجود ورم خبيث في كبد الشيخ رحمه الله وأكدوا على وجوب استئصاله جراحيا ولو من جانب الحيطة الواجبة، ولكن ما لبث هذا الورم - بفضل الله ووسط دهشة الأطباء - أن انكمش وعاد الكبد إلى حالته الطبيعية.
وفي شهر شعبان 1417/ديسمبر1996 شعر الشيخ بضعف آخر في نظره فعاد من حلب إلى الرياض ليتلقى علاجا آخر لم يكن ناجعا ونتج عنه صداع شديد لازم الشيخ طيلة أيامه الباقية، ثم اشتكى الشيخ في أواخر رمضان من ألم في البطن أدخل على إثره مستشفى الملك فيصل التخصصي وتبين أنه ناتج عن نزيف داخلي بسبب مرض التهابي، وما لبث أن التحق بالرفيق الأعلى فجر يوم الأحد التاسع من شوال 1417 الموافق 16 من فبراير 1997 عن عمر يناهز الثمانين عاماً فرحمه الله رحمة واسعة.
غسل الفقيد ابنه الشيخ سلمان وتلميذه الملازم له الشيخ محمد الرشيد، وجرت الصلاة عليه عقب صلاة الظهر في الرياض ثم نقل بطائرة خاصة مع عائلته وأحبابه إلى المدينة المنورة حيث صلي عليه بعد صلاة العشاء ثم شيعه أحبابه وتلاميذه الذي توافدوا من كل مكان في السعودية إلى مقبرة البقيع، فنال شرف جوار المصفى صلى الله عليه وسلم بعد أن تشرف بخدمة حديثه وسنته الشريفة.
خلفت وفاته أسى عميقا في قلوب المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وعبر الرئيس السوري حافظ الأسد - بواسطة فضيلة الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي - عن تأثره العميق لوفاته دون أن تتاح له فرصة الالتقاء به، حيث كان يتطلع إلى لقاء طويل واف معه، ووضع تحت تصرف أهله طائرة خاصة لنقل جثمانه - إن شاءوا - إلى سورية، وعقد في حلب مجلس للتعزية حضره إلى جانب المسئولين أعداد كبيرة من المحزونين، وشارك في تأبين الفقيد فضيلة الشبخ محمد سعيد رمضان البوطي والدكتور فتحي يكن من لبنان وتلميذه البار الشيخ مجاهد شعبان رحمه الله.
وتدفقت برقيات ورسائل التعزية على أهله من كل أنحاء المعمورة ولا عجب فقد كان عالما عاملا فيه عزة الإسلام وتواضع الدعاة، سار على نهج النبوة في خلقه وأخلاقه، فأضاء الله بصيرته وذلل له مقاليد العلوم، وألقى محبته في قلوب الصالحين من عباده.
طبت حياً وميتاً يا أبا زاهد وجزاك الله عنا وعن المسلمين خير ما يجزي به الله عالماً مجاهداً متقناً مخلصاً عن الإسلام وعن أهله وأبناء أمته
جهوده العلمية
يعد الشيخ عبد الفتاح أبوغدة من العلماء الثقات، الذي يفخر بهم العالم الإسلامي في هذا القرن، وقد أحاط بالعلوم الشرعية، وملك زمام اللغة العربية والشعر والتاريخ، وتبحر في علمي الفقه والحديث، حيث أكب منذ بداية حياته العلمية على تحقيق ونشر الكتب النفيسة في هذين الفنين وغيرهما.
وأول كتاب نشره الشيخ هو (الرفع والتكميل في الجرح والتعديل) للإمام عبد الحي اللكنوي، وقد طبعه في حلب عند مطبعة الأصيل التي كان صاحبها الأستاذ سامي الأصيل من أصدقائه، فصبر على دقة الشيخ في التصحيح وإتقانه في إخراج كتبه، بتعاون المحب وتفهم الساعي للكمال، وقد أصبحت كتبه بعد ذلك - في إخراجها - مدرسة للعلماء والباحثين من بعده، ينهجون نهجها وينسجون على منوالها، وقد قام بطبع أغلب كتب الشيخ الأستاذ المهندس رمزي دمشقية صاحب دار البشائر الإسلامية في بيروت رحمه الله تعالى، وكانت دائما غنية بمضمونها، راقية في شكلها، تنم على إحساس عال لدى الشيخ في تكريم الكتاب، وعلى ذوق رفيع في طريقة إخراجه.
ويمتاز تحقيق الشيخ عبد الفتاح، بأنه يُقَدِّم مع الكتاب المحقق، كتاباً آخر، مليئاً بالفوائد النادرة والتوضيحات النافعة، التي توضح الغامض، وتسدد وتصوِّب وتُرَجِّح وتُقّرب العلم إلى طالبه، وتحببه إليه.
وللشيخ رحمه الله تعالى، ولع شديد بكتب العلم، يتتبعها في مظانها، مطبوعة ومخطوطة، ويصرف وقته وجهده وماله، في سبيل اقتنائها وخدمتها، فتجمعت لديه مكتبة من أمهات المكاتب فيها الأعلاق النفيسة والنسخ النادرة من الكتب، وذهب جلها في الأحداث الأليمة التي طالت سورية في أعوام 1978-1982، وأعادت الحكومة السورية ما تبقى منها للشيخ عند عودته إلى سورية في عام 1995.
وكان منهج الشيخ في التحقيق والتأليف منهج المتأني الحريص على خدمة الكتاب من حيث الشكل والمضمون، فلم يكن يهدف إلى ربح مادي أو شهرة معنوية، ولذا كان الكتاب يبقى لديه حبيس التأليف والتحقيق سنين طويلة حتى إذا اطمأن إلى أنه قد قارب الاكتمال والحد المرضي من الجودة، أرسل به إلى المطبعة، وعكف شخصيا على مراجعة تجاربه المرة تلو المرة، وكانت زوجة الشيخ في كل هذه المراحل إلى جانبه عونا وسندا ومعاونا لا يفتر، وبخاصة بعد أن تأثر بصره، فما توقف إنتاجه العلمي حتى آخر أيام حياته فجزاها الله أفضل الجزاء.
وتتوجت حياة الشيخ العلمية عندما قام مركز أكسفورد للدراسات الإسلامية في لندن بتكريم الشيخ فاختاره لنيل أول جائزة علمية تحمل اسم سلطان بروناي في حفل كبير في لندن في صيف عام 1415/1995 تقديراً لجهوده في التعريف بالإسلام ومساهماته القيمة في خدمة الحديث النبوي الشريف، وقد حضر الحفل سلطان بروناي ووزير التعليم فيها داتو عبد العزيز بن عمر الذي كان يحب الشيخ ويجله، كما حضره عدد كبير من الدبلوماسيين والعلماء، وعلى رأسهم فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي، كما حضر الحفل السفير السعودي الدكتور غازي القصيبي، والسفير السوري محمد خضر الذي تقدم مع أركان السفارة السورية بلندن من الشيخ في نهاية الحفل وشد على يده مهنئا وقائلا له: لقد رفعت رأس سورية عاليا وإننا نفتخر بك وبأمثالك من العلماء.
وقد وجه السلطان الدعوة للشيخ لزيارة بروناي في العام القادم لحضور حفل تقديم الجائزة لباحثين في علوم القرآن - قدر الله أن يكون أولهما من حلب والثاني من دمشق - هما د. أحمد خراط ود. محمد عدنان زرزور، وقد حضر الحفل ولي العهد ثم قابل السلطان العلماء في قصره تكريما لهم، وزار الشيخ خلال الزيارة جامعة بروناي ومفتي السلطنة، ودار تحفيظ القرآن الكريم.
مؤلفات الشيخ عبد الفتاح أبوغدة
أولاً- المحققة وفقاً لترتيبها في النشر:
1- الرفع والتكميل في الجرح والتعديل للإمام عبد الحي اللكنوي وطبع 3 طبعات أولها سنة 1383-1963 بحلب
2- الأجوبة الفاضلة للأسئلة العشرة الكاملة للإمام اللكنوي وطبع 3 طبعات أولها سنة 1384-1964 بحلب
3- رسالة المسترشدين للإمام الحارث المحاسبي وطبع 8 طبعات أولها سنة 1384-1964 بحلب، وترجم إلى اللغة التركية
4- التصريح بما تواتر في نزول المسيح لمحمد أنور الكشميري، وطبع 5 طبعات أولها سنة 1385-1965 بحلب
5- إقامة الحجة على أن الإكثار من التعبد ليس ببدعة للإمام اللكنوي طبع بحلب سنة 1966-1386
6- الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام وتصرفات القاضي والإمام للإمام القرافي وطبع طبعتان أولاهما سنة 1387-1967 بحلب
7- فتح باب العناية بشرح كتاب النقاية في الفقه الحنفي للملا علي القاري الهروي المكي، طبع الجزء الأول بحلب محققاً سنة 1387-1967، ولم يقدر للشيخ أن يتمه تحقيقاً ثم طبع في لبنان دون تحقيق
8- قاعدة في الجرح والتعديل للحافظ تاج الدين السبكي، وطبع 5 طبعات أولها ببيروت سنة 1388-1968
9- المنار المنيف في الصحيح والضعيف للإمام ابن قيم الجوزية، وطبع 5 طبعات أولها سنة 1389-1969 في بيروت
10- المصنوع في معرفة الحديث الموضوع للإمام ملا علي القاري، وطبع 3 طبعات أولها سنة 1389-1969 بحلب
11- فقه أهل العراق وحديثهم للأستاذ محمد زاهد الكوثري وطبع ببيروت سنة 1390-1970
12- خلاصة تهذيب الكمال في أسماء الرجال للحافظ الخزرجي طبع مصوراً أربع مرات أولها ببيروت سنة 1390-1970 مع مقدمة ضافية وتصحيح أغلاط وتحريفات كثيرة.
13- قواعد في علوم الحديث لمولانا ظفر الله التهانوي، وطبع 6 طبعات أولها ببيروت سنة 1392-1972 وترجم بعضه إلى التركية
14- المتكلمون في الرجال للحافظ السخاوي، وطبع 4 طبعات أولها ببيروت سنة 1400-1980
15- ذكر من يعتمد قوله في الجرح والتعديل للحافظ الذهبي، وطبع 4 طبعات أولها ببيروت سنة 1400-1980
16- قصيدة عنوان الحكم لأبي الفتاح البستي أولها ببيروت سنة 1404-1984
17- الموقظة في علم مصطلح الحديث للحافظ الذهبي وطبع 3 طبعات أولها ببيروت سنة 1405-1985
18- سنن الإمام النسائي طبعه الشيخ مصوراً ومفهرساً، وطبع 3 طبعات أولها ببيروت سنة 1406-1986
19- الترقيم وعلاماته للعلامة أحمد زكي باشا، وطبع طبعتان أولاهما سنة 1407-1987 ببيروت
20- سباحة الفكر بالجهر بالذكر للإمام عبد الحي اللكنوي، وطبع 3 طبعات أولها ببيروت سنة 1408-1988
21- قفو الأثر في صفو علم الأثر ابن الحنبلي، وطبع طبعتان أولاهما ببيروت سنة 1408-1988
22- بلغة الأريب في مصطلح آثار الحبيب للحافظ الزبيدي، وطبع ببيروت سنة 1408-1988
23- جواب الحافظ المنذري عن أسئلة في الجرح والتعديل، وطبع ببيروت سنة 1411-1991
24- التبيان لبعض المباحث المتعلقة بالقرآن للعلامة الشيخ طاهر الجزائري الدمشقي، وطبع ببيروت سنة 1412-1992
25- تحفة الأخيار بإحياء سنة سيد الأبرار ومعه حاشيته نخبة الأنظار على تحفة الأخبار للإمام عبد الحي اللكنوي، وطبع ببيروت سنة 1412-1992
26- التحرير الوجيز فيما يبتغيه المستجيز للشيخ زاهد الكوثري، وطبع ببيروت سنة 1413-1994
27- تصحيح الكتب وصنع الفهارس المعجمة للعلامة أحمد شاكر، وطبع ببيروت سنة 1414-1994
28- تحفة النساك في فضل السواك للعلامة الميداني، وطبع ببيروت سنة 1414-1993
29- كشف الالتباس عما أورده الإمام البخاري على بعض الناس للعلامة عبد الغني الميداني، وطبع ببيروت سنة 1414-1993
30- العقيدة الإسلامية التي ينشأ عليها الصغار للإمام ابن أبي زيد القيرواني وطبع طبعتان أولاها ببيروت سنة 1414-1993
31- الحث على التجارة والصناعة والعمل للإمام أبي بكر الخلال الحنبلي، وطبع ببيروت سنة 1415-1995
32- توجيه النظر إلى أصول الأثر تأليف الشيخ طاهر الجزائري وطبع ببيروت سنة 1416-1995
33- ظفر الأماني في شرح مختصر الجرجاني للإمام عبد الحي اللكنوي وطبع ببيروت سنة 1416-1995
34- رسالة الألفة بين المسلمين للإمام ابن تيمية ومعها رسالة في الإمامة للإمام ابن حزم الظاهري، وطبع ببيروت سنة 1417-1996
35- مكانة الإمام أبي حنيفة في الحديث للشيخ العلامة المحدث محمد عبد الرشيد النعماني، وطبع ببيروت سنة 1416-1996
36- الحلال والحرام وبعض قواعدهما في المعاملات المالية لشيخ الإسلام ابن تيمية، وطبع ببيروت سنة 1416-1996
37- شروط الأئمة الخمسة للحازمي، وقد صدر بعد وفاة الشيخ سنة 1417-1997
38- شروط الأئمة الستة للحافظ ابن طاهر المقدسي، وقد صدر بعد وفاة الشيخ سنة 1417-1997
39- كتاب الكسب للإمام محمد بن الحسن الشيباني، وقد ألحق الشيخ به رسالة الحلال والحرام وبعض قواعدهما، وقد صدر بعد وفاة الشيخ سنة 1417-1997
40- ثلاث رسائل في استحباب الدعاء ورفع اليدين بعد الصلوات المكتوبة، وقد صدر بعد وفاة الشيخ سنة 1417-1997
41- الانتقاء في فضائل الأئمة الثلاثة الفقهاء للإمام ابن عبد البر، وقد صدر بعد وفاة الشيخ سنة 1417-1997
42- خطبة الحاجة ليست سنة في مستهل الكتب والمؤلفات كما قال الشيخ ناصر الألباني، وهذه الرسالة نشرت بعد وفاة الشيخ ضمن مجلة مركز بحوث السنة والسيرة بجامعة قطر.
ثانياً: المؤلفات وفقاً لترتيبها في النشر:
1- مسألة خلق القرآن وأثرها في صفوف الرواة والمحدثين وكتب الجرح والتعديل، وطبع ببيروت سنة 1971-1391
2- صفحات من صبر العلماء على شدائد العلم والتحصيل، وطبع 4 طبعات أولها ببيروت سنة 1391-1971، وقد ترجم إلى اللغتين التركية والأردية
3- كلمات في كشف أباطيل وافتراءات، وقد طبعه الشيخ سنة 1394-1974 رداً على أباطيل ناصر الألباني وصاحبه سابقاُ زهير الشاويش ومؤازريهما، وكان الشيخ يقدمها لبعض العلماء الذين يطلبونها، ولم تعرض للبيع في المكتبات حتى عام 1411-1991 حين طبعت ضمن رسالة جواب الحافظ المنذري
4- العلماء العزاب الذين آثروا العلم على الزواج، وطبع 4 طبعات أولها ببيروت سنة 1402-1982
5- قيمة الزمن عند العلماء، وطبع 6 طبعات أولها ببيروت سنة 1404-1984، وترجم إلى التركية ويترجم إلى الإنجليزية
6- لمحات من تاريخ السنة وعلوم الحديث، وطبع 4 طبعات أولها ببيروت سنة 1404-1984
7- أمراء المؤمنين في الحديث، وطبع ببيروت سنة 1411-1991
8- من أدب الإسلام، وطبع عدة مرات أولها ببيروت سنة 1412-1992، وقد ترجم إلى الإنجليزية والأردية والتركية والصينية.
9- الإسناد من الدين ومعه: صفحة مشرقة من تاريخ سماعات الحديث عند المحدثين، وطبع ببيروت سنة 1412-1992
10- منهج السلف في السؤال عن العلم وفي تعلم ما يقع وما لم يقع، وطبع ببيروت سنة 1412-1992
11- السنة النبوية وبيان مدلولها الشرعي والتعريف بحال سنن الدارقطني، وطبع ببيروت سنة 1413-1993
12- تحقيق اسمي الصحيحين واسم جامع الترمذي وطبع ببيروت سنة 1414-1993
13- الرسول المعلم وأساليبه في التعليم، وطبع ببيروت سنة 1417-1996
14- نماذج من رسائل أئمة السلف وأدبهم العلمي، وطبع ببيروت سنة 1417-1996
15- تراجم ستة من فقهاء العالم الإسلامي في القرن الرابع عشر وآثارهم الفقهية، وقد صدر بعد وفاة الشيخ سنة 1417-1997
16- رسالة الإمام أبي داود إلى أهل مكة في وصف سننه، وقد صدر بعد وفاة الشيخ سنة 1417-1997
وقد ترك الشيخ مؤلفات ومحققات وأبحاث عديدة تنتظر النشر بعون الله تعالى.
تنبيه:
للشيخ العلامة الألباني والشيخ بكر أبو زيد وغيرهم من أهل العلم ملاحظات عقدية على الشيخ عبد الفتاح أبو غدة
------------------
بواسطة العضو عبد الله الخميس
نام کتاب : المعجم الجامع في تراجم المعاصرين نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 1 صفحه : 210