* " باب اشتقاق اسم التاريخ وأصله وسببه وذكر الفائدة الداعية إلى الاعتناء به " قرأت بخط شيخنا أبي الفرج غيث بن علي بن عبد السلام الصوري قال قرأت في كتاب الخراج تأليف أبي الفرج قدامة بن جعفر الكاتب قال تاريخ كل شئ آخره وهو في الوقت غايته والموضع الذي انتهى إليه يقال فلان تاريخ قومه أي إليه ينتهي شرفهم ويقال ورخت الكتاب توريخا وأرخته تأريخا اللغة الأولى لتميم والثاني لقيس ولكل مملكة وأهل ملة تاريخ وجماع القول في تواريخهم أنهم يؤرخون بالوقت الذي تحدث فيه حوادث مشهورة عامة قال الله تعالى " يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج " بالأهلة يدرك عدد الأعوام وتعرف أوقات الحج والصيام ويعتبر بعض شرائع الإسلام كانقضاء عدد النساء من بعولتهن ومدة حملهن ووضع أجنتهن ووقت محل الديون اللازمات وتصرم مدد عقود التجارات والإجارات واختلاف الفصول والأوقات وبها تحد حوادث الأمم الخاليات أخبرنا أبو غالب محمد بن الحسن بن علي بن ذروا البصري العنبري الماوردي بقراءتي عليه ببغداد أنا أبو الحسن محمد بن علي بن أحمد بن إبراهيم السيرافي أنا القاضي أبو عبد الله أحمد بن إسحاق بن حران النهاوند نا أحمد بن عمران بن موسى الأشناني نا موسى بن زكريا التستري نا أبو عمرو خليفة بن خياط بن خليفة بن خياط العصفري الشيباني المعروف بشباب نا يزيد بن زريع أنبأنا سعيد عن قتادة في قوله
(1) سورة البقرة الاية 189
(2) زيادة عن مختصر ابن منظور [1] / 25
(3) بالاصل ومخطوطة الخزانة العامة " بشيبان " خطأ
ولم يكن له نظير في زمانه من حيث سعة علمه ودأبه على العمل
ولم يزل طول عمره مواظبا على صلاة الجماعة ملازما لقراءة القران مكثرا من النوافل والاذكار والتسبيح أناء الليل وأطراف النهار وكان يختم كل جمعة ولم ير إلا في اشتغال يحاسب نفسه على ساعة تذهب في غير طاعة (1)
وبقي منكبا على التأليف والتصنيف والتدريس وكان الملك العادل محمود بن زنكي نور الدين قد بنى له دار الحديث النورية فدرس بها إلى حين وفاته غير وفاته ملتفت إلى غيرها ولا متطلع إلى زخرف الدنيا ولا ناظر إلى محاسن دمشق ونزهها بل لم يزل مواظبا على خدمة السنة والتعبد باختلاف أنواعه: صلاة وصياما واعتكافا وصدقة ونشر علم وتشييع جنائز وصلات رحم إلى حين قبض (2)
توفي في رجب سنة احدى وسبعين وخمسمئة ليلة الاثنين حادي عشر الشهر وصلى عليه القطب النيسابوري وحضره صلاح الدين ودفن عند أبيه بمقبرة باب الصغير (3)
قال العماد [4] : وكان الغيث قد احتبس في هذه السنة فدر وسح عند ارتفاع نعشه فكأن السماء بكت عليه بدمع وبله وطشه
وقال الحسين بن عبد الله بن رواحة يرثي أبا القاسم بن عساكر [5] : ذرا السعي في نيل العلى والفضائل * مضى من إليه كان شد الرواحل وقولا لساري البرق إني نعيته * بنار أسى أو دمع سحب هو اطل وما كان إلا البحر غار ومن يرد * سواحله لم يلق غير جداول وهبكم رويتم علمه عن رواته * وليس عوالي صحبه بنوازل فقد فاتكم نور الهدى بوفاته * وعز التقى منه ونجح الوسائل خلت سنة المختار من ذب ناصر * فأقرب ما نخشاه بدعة خاذل [1] طبقات الشافعية للسبكي: 7 / 217، وسير اعلام: 20 / 562
(2) طبقات الشافعية للسبكي: 7 / 233
(3) سير الاعلام: 20 / 570، طبقات السبكي: 7 / 233، وفيات الاعيان 3 / 311، معجم الادباء: 13 / 75 [4] معجم الادباء: 13 / 75 [5] القصيدة في مجعم الادباء: 10 / 48 - 55
في ترجمة الحسين بن عبد الله بن رواحة وبعضها في سير الاعلام: 20 / 568