وقال: كن عالماً كجاهل وناطقاً كصامت.
وقال: عظم في أعين الناس من صغرت الدنيا في عينه وله تصانيف في إثبات صناعة أحكام النجوم ونقض لرسالة عيسى ابن علي في إبطال أحكام النجوم.
الحكيم الأديب أبو الفرج علي بن الحسين
بن هندو كان أديباً فاضلاً حكيماً مقتبساً من فوائد الحكيم أبي الخير الحسن بن سوار.
ولأبي الفرج كتاب كامل معنون بكتاب نموذج الحكمة، وكتاب آخر في فوائد علم الطب معنون بالمفتاح، والرسالة المشرقية، وكتاب النفس، ورسائل وديوان وكتب أخر.
وذكر أبو الفرج في كتاب المفتاح أن متكلماً كان في جوارنا، وصنف كتاباً في إبطال علم الطب، وحث تلامذته على درسه، فعرض له صداع فبعث تفسرته إلى الحكيم أبي الخير، فقال الحكيم أبو الخير لرسوله قل له ضع تصنيفك في إبطال علم الطب تحت وسادتك، وضع عليها رأسك، فإنه لا حاجة لك إلى الطبيب والطب. فما عالجه واحد من الأطباء حتى اعترف ببطلان كلامه ومزق تصنيفه وتاب. ثم عالجناه وشفاه الله تبارك وتعالى.
قال أبو الفرج قلت له يوماً: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: العلم علمان علم الأبدان وعلم الأديان، فقدم علم الأبدان لأن العبادات إنما تصدق ممن صح جسمه وثبت عقله. قال الله تعالى: ولا على المريض حرج. وقال تعالى: وإن كنتم مرضى أو على سفر. وقال تعالى: فمن كان منكم مريضاً أو به أذى من رأسه. ومعالجات النبي عليه السلام معروفة.
وجمعها واحد من الأطباء وصنف منها كتاباً، فاستطرد المتكلم وقال كان واحد من المتكلمين في جوارنا وعرض له خناق فعدته، فقال لي: ما ينفعني من طريق الطب؟ فقلت له: ينفعك ماء الشعير الفاتر مع ماء الرمانين، ورب التوت، وخل الجوز، وماء الهندباء، مع فلوس الخيار شنبر، وفصد القيفال وغير ذلك. فقال: وما يضرني فقلت ما فيه حرارة. فقال: كيف يكون العسل المصفى والعصيدة التمرية؟ فقلت: تعوذ بالله، ففيهما هلاكك فقال لتلامذته: أنا أخالف رأي الأطباء عقيدة ومذهباً، ولا غفر الله لي إن خالفت عقيدتي وأطعت طبيباً، فقمت من عنده فتناول العسل والعصيدة ومات قبل غروب الشمس. أقول ولم أجد في شرف علم الطب وفوائده كتاباً مثل كتابه المعنون بالمفتاح وكان أبو الفرج من كتاب السيدة بالري وغيرها.
ومن كلماته قوله: إنما المرء حيث يجعل نفسه.
وقال: عظم العلم في ذاتك وصغر الدنيا في عينك، واخرج من سلطان شهواتك، وكن ضعيفاً عند الهزل، قوياً عند الجد، ولا تلم أحداً على فعل يمكن أن يتعذر منه، ولا ترفع شكايتك إلا إلى من يرى نفعه عندك، حتى تكون حكيماً كاملاً.
العاقل لا يكلف نفسه ما لا تطيق ولا يسعى فيما لا يدرك، ولا ينظر فيما لا يعنيه، ولا ينفق إلا بقدر ما يستفيد، ولا يلتمس الجزاء إلا بقدر ما عند صاحبه من الاستطاعة.
العالم الحكيم أبو سهل المسيحي
كان حكيماً استولى عليه الطب، وتصانيفه في الطب كثيرة مفيدة. وقد ارتبطه خوارزمشاه مأمون بن محمد، ومولد أبي سهل في جرجان، وقد نشأ وتعلم ببغداد. وصنف كتاباً لطيفاً في التعبير لخزانة خوارزمشاه مأمون بن محمد.
وكان أبو سهل نصراني الملة إلا أنه كان لا يحضر مع النصارى ويتعبد في منزله.
ومن حكمه قوله: أكرم الناس من له حسب يعينه على الشرف ونجدة وجود تعينه على المكارم، وجدة نجدة تعينه على العز. وخير العاقل مرجو على كل حال، وشر الجاهل مخوف على كل حال.
العاقل يعد نفسه فريداً من تخليط أهل زمانه.
إنسان لا عقل له ولا علم كتمثال لا روح له.
وقد صنف أبو سهل كتاباً في النفس ثم ترجمه فقال فيه: من لم يرض بما عنده من أسباب المعاش، لم يرض بإضافة مال غيره إلى ماله فإن غريزة الإنسان لا تشبع.
وقال كيف أعدل عن حكم المسيح، والنار نازلة في كنيسة القيامة في المسجد الأقصى (وتدل) تلك النار أن الليلة التي رفع الله فيها عيسى إلى السماء ليلة النصف من نيسان وفي هذه الليلة كل سنة كانت تنزل نار من الأثير بحيث يراها الناس، وتشتعل قناديل القيامة من غير أن تكون كوة ولا فرجة في سقف ذلك البيت بل نغوص النار في السقف ومن غير أن يحرق الخشب.
ثم توقد السرج والمشاعل، فإذا طلع الفجر انطفأت.
وقد صنف أبو زكريا يحيى بن عدي تلميذ أبي نصر الفارابي كتاباً وبين الأمر الطبيعي في ذلك.
أبو زكريا يحيى بن عدي