وأما أبو سليمان محمد بن معشر البستي ويعرف بالمقدسي، وأبو الحسن علي بن هارون الزنجاني وأبو أحمد النهرجوري، والعوقي، وزيد بن رفاعه، فهم حكماء اجمتمعوا وصنفوا رسائل إخوان الصفا. وألفاظ هذا الكتاب للمقدسي.
ومن حكمهم: مثل السلطان كمثل المطر،فما ظنك به إذا كان عادلا.
الهوى آفة العفاف، واللجاج آفة الرأي المدن تبنى على الماء والمرعى والمحتطب المرأة (تفسد المرأة) كما أن الأفعى تأخذ السم من الأفعى الدنيا سوق المسافر الرماد دخان كثيف والدخان رماد لطيف.
من أماتته حياته، أحيته وفاته.القناعة عز المعسر.
الحكيم أبو عبد الله الناتلي
كان حكيماً عالماً متخلقاً بأخلاق جميلة وكان أبو علي يقول قد ارتبطه والدي وكنت استفدت منه قوانين المنطق وانتهيت إلى غوامض يتعجب الناتلي منها فلما انتهيت في تعلم الرياضيات إلى المعطيات والمخروطات.
قال لي الناتلي: استخرج هذه الأشكال من ظنك ثم أعرضها علي وكان يستفيد بسبب هذه الواسطة مني.
وقد رأيت للناتلي رسالة في (واجب) الوجود وشرح اسمه وهذه الرسالة دالة على أنه كان مبرزاً في هذه الصناعة بالغاً الغاية القصوى في علم الإلهيات.
ورأيت له أيضا رسالة في علم الإكسير وابو علي لا يذكره في مصنفاته إلا في كتاب المقضيات (السبعة) .
قال أبو عبد الله الناتلي: عليك بالبحث عن جواهر النفس الشريفة وقال: النفس القديسة لا تنفع بالقياس الجدلي والخطابي.
وقال: لا تدخر ما تخاف فقده.
وقال: العارف لا يختار عرفان الحق على الحق.
وقال: الحق يطلب لذاته، والخير يطلب لأجل العمل به.
وقبل: إذا اشتبه عليك فلا أمران تدري في أيما الصواب فانظر أقربهما إلى هواك فاجتنبه.
والله أعلم.
يحيى النحوي الملقب بالطريق
والمنسوب إلى الديلم كان يحيى الديلمي من قدماء الحكماء وكان نصرانيا فيلسوفا فأراد عامل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه إزعاجه عن فارس وتخريب ديره، فكتب يحيى قصته إلى أمير المؤمنين وطلب منه الأمان فكتب محمد بن الحنفية له كتاب الامان بامر امير المؤمنين. وقد رايت نسخة هذا الكتاب في يدي الحكيم أبي الفتوح المستوفى النصراني الطوسي. وكان أبو الفتوح طبيبا حاذقاً، ماهراً في صناعة الاستيفاء وكان توقيع امير المؤمنين عليه بخطه عليه " الله الملك وعلي عبده ".
إما كتاب يحيى النحوي فظاهره سديد، وباطنه ضعيف. وفي الوقوف على تلك الشكوك والتوصل إلى حلها قوة للنفس، وغزارة للعلم، وتلك الشكوك ليس مما يفطن لعقدها الرشميون ممن نعلمه.
فان انحلالها مبنية على فروع (و) أصول من كتاب السماع الطبيعي.
ويحيى النحوي البطريق هو الذي صنف كتبا ورد وفيها على أفلاطون وأرسطو حين همت النصارى بقتله، وقال في شأنه أبو علي هو يحيى النوي المموه على النصارى، وأكثر ما أورده الإمام حجة الإسلام الغزالي رحمه الله في تهافت الفلاسفة تقرير كلام يحيى النحوي.
(ومن كلامه) يجب التعب والكد في طلب العلوم، وتحقيق ماهيات الأشياء، والاحتياط في النقل والبحث عن المنقولات.
وله تصانيف كثيرة، منه أخذ الطلب خالد بن يزيد بن معاوية.
قال يحيى: ليس منا من لم يعمل في صدره نهاره لدنياه وفي آخره لعقباه وقال: أقبح الأشياء بالسلطان اللجاج، وبالمقاتلة الجبن، وبالأغنياء البخل، وبالفقراء الكبر، وبالشيوخ المزاح، وبالشباب الكسل، وبجماعة الناس التباغض والتحاسد.
وقال: الفقر الموت الأكبر.
وقال: كل من الطعام ما اشتهيت، والبس ما تشتهيه الناس.
وقال: من عرف فضل من هو فوقه عرف فضله من هو دونه.
يعقوب بن اسحق الكندي
كان مهندسا خائضا غمرات العلم، وله تصانيف كثيرة، وقد جمع في بعض تصانيفه بين أصول الشرع وأصول المعقولات واختلفوا في ملته فقال قوم: (كان) يهودياً ثم أسلم، وقال بعضهم كان نصرانياً.
وإنا ما حصلت علم المناظر، وما تخيلت أشكال ذلك العلم إلا من تصنيفه الذي هو نادر في ذلك الفن. وقد ارتبطه المعتصم. (وكان أستاذ ولده أحمد بن المعتصم وله رسائل إلى أحمد بن المعتصم) .
قال يعقوب: اعتزل الشر فإن الشر للشرير خلق.
وقال: من لم ينبسط بحديثك فارفع عنه مؤونة الاستماع منك