هذه أسماء من ظفرت به أنه ذكر بالتدليس ثم ليعلم بعد ذلك أن هؤلاء كلهم ليسوا على حد واحد بحيث أنه يتوقف في كل ما قال فيه واحد منهم عن ولم يصرح بالسماع بل هم على طبقات
أولها من لم يوصف بذلك إلا نادرا جدا بحيث أنه لا ينبغي أن يعد فيهم كيحيى بن سعيد الأنصاري وهشام بن عروة وموسى بن عقبة
وثانيها من احتمل الأئمة تدليسه وخرجوا له في الصحيح وإن لم يصرح بالسماع وذلك إما لإمامته أو لقلة تدليسه في جنب ما روى أو لأنه لا يدلس إلا عن ثقة وذلك كالزهري وسليمان الأعمش وإبراهيم النخعي وإسماعيل بن أبي خالد وسليمان التيمي وحميد الطويل والحكم بن عتبة ويحيى بن أبي كثير وابن جريج والثوري وابن عيينة وشريك وهشيم ففي الصحيحين وغيرهما لهؤلاء الحديث الكثير مما ليس فيه التصريح بالسماع وبعض الأئمة حمل ذلك على أن الشيخين اطلعا على سمعا الواحد لذلك الحديث الذي أخرجه بلفظ عن ونحوها من شيخه وفيه تطويل الظاهر أن ذلك لبعض ما تقدم آنفا من الأسباب قال البخاري لا أعرف لسفيان الثوري عن حبيب بن أبي ثابت ولا عن سلمة بن كهيل ولا عن منصور وذكر مشايخ كثير لا أعرف لسفيان عن هؤلاء تدليسا ما أقل تدليسه
وثالثها من توقف فيهم جماعة فلم يحتجوا بهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع وقبلهم آخرون مطلقا كالطبقة التي قبلها لأحد الأسباب المتقدمة كالحسن وقتادة وأبي إسحاق السبيعي وأبي الزبير المكي وأبي سفيان طلحة بن نافع وعبد الملك بن عمير
ورابعها من اتفقوا على أنه لا يحتج بشيء من حديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع لغلبة تدليسهم وكثرته عن الضعفاء والمجهولين كابن إسحاق وبقية وحجاج بن الاطأة وجابر الجعفي والوليد بن مسلم وسويد بن سعيد وأضرابهم ممن تقدم فهؤلاء هم الذين يحكم على ما رووه بلفظ عن بحكم المرسل كما تقدم
وخامسها من قد ضعف بأمر آخر غير التدليس فرد حديثهم به لا وجه له إذ لو صرح بالتحديث لم يكن محتجا به كأبي جناب الكلبي وأبي سعد البقال ونحوهما فليعلم ذلك
وهذا كله في تدليس الراوي ما لم يتحمله أصلا بطريق ما فأما تدليس الإجازة والمناولة والوجادة بإطلاق أخبرنا فلم يعده أئمة الفن في هذا الباب كما قيل في رواية أبي اليمان الحكم بن نافع عن شعيب ورواية مخرمة بن بكير بن الأشج عن أبيه وصالح بن أبي الأخضر عن الزهري وشبه ذلك بل هو إما محكوم عليه بالانقطاع أو يعد متصلا ومن هذا القبيل ما ذكره محمد بن طاهر المقدسي عن الحافظ أبي الحسن الدارقطني أنه كان يقول فيما لم يسمع من البغوي قرئي على أبي القاسم البغوي حدثكم فلان ويسوق السند إلى آخره بخلاف ما هو سماعه فإنه يقول فيه قرىء على أبي القاسم وأنا أسمع أو أخبرنا أبو القاسم البغوي قراءة ونحو ذلك فأما أن يكون له من البغوي إجازة شاملة بمروياته كلها فيكون ذلك متصلا له أو لا يكون كذلك فيكون وجادة وهو قد تحقق صحة ذلك عنه على أن التدليس في المتأخرين بعد سنة ثلاثمائة يقل جدا قال الحاكم لا أعرف في المتأخرين من يذكر به إلا أبا بكر محمد بن محمد بن سليمان الباغندي والله أعلم
التاسع في ألفاظ الأداء الدالة على السماع إما سريحا أو ظاهرا قويا يقرب من الصريح وهي حدثنا وأخبرنا وسمعت وقال لنا وذكر لنا وحضرت فلانا يقول وما أشبه ذلك ويلتحق بها أنبأنا ونبأنا وإن كان غلب استعمالها عند المتأخرين في الإجازة فهي من جملة صور التحمل وإن كانت قاصرة عن السماع وكذلك أشهد على فلان أنه قال كذا وهي منحطة عن رتبة ما تقدم لاحتمال الواسطة فدكر الحافظ أبو بكر الخطيب أن أرفع هذه العبارات سمعت فلانا يقول كذا قال لأنها لا تقبل التدليس ولا يكاد يستعمل فيما كان بالإجازة أو المكاتبة بخلاف أخبرنا وحدثنا فإن بعض أهل العلم جوزوا إطلاقهما فيما كان بلإجازة وروي عن الحسن البصري أنه كان يقول حدثنا أبو هريرة ويتأول أنه