فمدلسه وحكم المدلس حكم المرسل كما تقدم مخصوما إذا كان الراوي مكثرا عن الشيخ الذي روى عنه بالواسطة كهشام بن عروة عن أبيه ومجاهد عن ابن عباس وغير ذلك مما تقدم من الأمثلة فلو أن هذا الحديث عنده عنه لكان يساير ما روى عنه فلما رواه بواسطة بيه وبين شيخه المكثر عنه علم أن هذا الحديث لم يسمعه منه ولا سيما إذا كان ذلك الواسطة رجلا مبهما أو متكلما فيه مثاله حديث اخرجه مسلم من طريق سعيد بن عامر عن جويرية بنت أسماء عن نافع عن ابن عمر عن عمر رضي الله عنه حديث وافقت ربي في ثلاث وقد رواه محمد بن عمر المقدمي عن سعيد بن عامر عن جويرية عن رجل عن نافع وجويرية مكثر عن نافع جدا فلو كان هذا الحديث عنده لما رواه عن رجل مبهم عنه
وحديث زينب بنت أم سلمة رضي الله عنها في النهي عن التسمية ببرة أخرجه مسلم من طريق هاشم بن القاسم عن الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن محمد بن عمرو بن عطاء عنها وقد رواه يحيى بن بكير والمصريون عن الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن محمد بن إسحاق عن محمد بن عمرو ابن عطاء فيظهر أن رواية مسلم مرسلة إذ لو كانت متصلة لم يكن فائدة في زيادة ابن إسحاق وهو متكلم فيه
وأما ما يسلكه جماعة من الفقهاء من احتمال أن يكون رواه عن الواسطة ثم تذكر أنه سمعه من الأعلى فهو مقابل بمثله بل هذا أولى وهو أن يكون رواه عن الأعلى جريا على عادته ثم يذكر أن بينه وبينه فيه آخر فرواه كذلك والمتبع في التعليل إنما هو غلبة تالظن وقد ذكر الترمذي في كتاب العلل أنه سأل البخاري عن حديث شيبان بن عبد الرحمن عن عيسى بن علي بن عبد الله بن العباس عن أبيه عن جده مرفوعا يمن الخيل في شقرها فقال يدخلون بين شيبان وبين عيسى في هذا الحديث رجلا فجعل البخاري رحمه الله ذلك علة في السند وفي صحيح مسلم من حديث الصعق بن حزن عن مطر الوراق عن