قد اعترض فيه على الإمام الشافعي فقيل إذا أسند المرسل من وجه آخر فأما أن يكون سند هذا المتصل مما تقوم به الحجة أولا فإن كان مما تقوم به الحجة فلا معنى للمرسل هنا ولا اعتبار به لأن العمل إنما هو بالمسند لا به وإن كان المسند مما لا تقوم به الحجة لضعف رجاله فلا اعتبار به حينئذ إذا كنت لا تقبل المرسل لأنه لم يعضده شيء
وجواب هذا أن مراده ما إذا كان طريق المسند مما تقوم بها الحجة وقولهم لا معنى للمرسل حينئذ ولا اعتبار به قلنا ليس كذلك من وجهين أحدهما أن المرسل يقوى بالمسند ويتبين به صحته ويكون فائدتهما حينئذ الترجيح على مسند آخر يعارضه لم ينضم اليه مرسل ولا شك أن هذه فائدة مطلوبة وثانيهما أن المسند قد يكون في درجة الحسن وبانضمام المرسل إليه يقوى كل منهما بالآخر ويرتقي الحديث بهما إلى درجة الصحة وهذا أمر جليل أيضا ولا ينكره إلا من لا مذاق له في هذا الشأن فقول المعترض أن كلام الإمام الشافعي رحمه الله لا فائدة فيه قول باطل
الأمر الثاني إن المرسل إذا لم يعضده مسند ولكن عضده مرسل مثله بسند آخر غير سند الأول فإنه حينئذ يقوى ولكنه يكون أنقص درجة من المرسل الذي أسند من وجه آخر
وقد اعترض الحنفية أيضا فيه على الإمام الشافعي وقالوا هذا ليس فيه إلا أنه انضم غير مقبول عنده إلى مثله فلا يفيدان شيئا كما إذا انضمت شهادة غير العدل إلى مثلها
وجوابه أيضا بمثل ما تقدم إنه بانضمام أحدهما إلى الآخر يقوي الظن أن له أصلا وإن كان كل منهما لا يفيد ذلك لمجرده وهذا كما قيل في الحديث الضعيف الذي ضعفه من جهة قلة حفظ رواية وكثرة بالكذب إذا روي مثله بسند آخر نظير هذا السند في الرواة فإنه يرتقي بمجموعهما إلى درجة الحسن لأنه يزول عنه حينئذ ما يخاف من سوء حفظ الرواة ويعتضد كل منهما بالآخر