ولد سنة أربع وخمسن وستمائة في أواخر شوال بمطخشارش، وهي مدينة مسورة من أعمال غرناطة، ونشأ بغرناطة وقرأ بها القراءات والنحو واللغة وسمع كثيرًا، ونظم وأقرأ بها العربية من سنة أربع وسبعين وما بعدها، وسمع أيضًا بالمالقة والمرية والجزيرة الخضراء وجبل الفتح وغيرها، ثم ارتحل عن الأندلس في أول سنة سبع وسبعين وسمع بسبتة وبجاية وتونس والإسكندرية وقرأ بها القراآت أيضًا، وحج في هذه السنة فسمع بمكة ومنًى ورجع على جدة فسمع بها وبعيذاب[1] وقوص، ثم قدم مصر في سنة ثمانين وستمائة فسمع بها الكثير من مشيخة وقته، وقرأ بها أيضًا القراآت العربية، وتصدر بها لإقراء العربية بالجامع الحاكمي والجامع الأقمر، ودرس التفسير بالجامع الطولوني والقبة المنصورية، ثم أضيف إليه مشيخة الحديث بها أيضًا فباشر هذه الوظائف كلها حتى مات، وأمضي أكثر عمره على الإقراء والتصنيف وقرأ عليه الأئمة الكبار وتتلمذوا له وأكثروا من كتبت تصانيفه في حياته والأخذ عنه، وممن سمع عليه الحديث بغزناطة الأستاذ أبو جعفر أحمد بن الزبير وأبو جعفر بن بشير[2] وابن الطباخ[3] أبو علي بن أبي الأحمر[4] وأبو الحسن بن الصائغ[5] وغيرهم، وبمالفة أبوعبد الله محمد بن عباس القرطبي، وببجاية أبو عبد الله محمد بن صالح الكناني، وبتونس أبو محمد عبد الله بن هارون وأبو يعقوب يوسف بن إبراهيم بن عتاب، وبالإسكندرية عبد الوهاب بن حسن بن الفرات روى له بالإجازة عن الصيدلاني وابن [1] عيذاب بالفتح فالسكون ثم ذال معجمة وآخره باء موحدة بليدة على ضفة بحر القلزم هي مرسي المراكب التي تقدم من عدن إلى الصعيد. [2] يقول الطهطاوي: هو أبو جعفر أحمد بن سعيد بن أحمد بن بشير الأنصاري المقرئ كما ذكره أبو حيان في الإجازة التي كتبها للصلاح الصفدي المذكور بكمالها في تاريخه أعيان العصر وأعوان النصر.
3 "وابن الطباخ" بالخاء المعجمة وصوابه "وابن الطباع" بالعين المهملة كما في طبقت التاج السبكي وتاريخ الصلاح الصفدي والدرر الكامنة وبغية الوعاة وغيرها. وهو الأستاذ المقرئ الحافظ الخطيب أبو جعفر أحمد بن علي بن محمد المعروف بابن الطباع الغزناطي "المتوفى سنة ثمانين وستمائة" وقد قرأ حيان عليه الموطأ. "الطهطاوي". [4] وصوابه "ابن أبي الأحوص" كما في الإجازة المذكورة وطبقات التاج السبكي وتاريخ الصلاح الصفدي والدر الكامنة وبغية الوعاة وغيرها. هو الحافظ أبو علي الحسين بن عبد العزيز بن محمد بن عبيد العزيز بن محمد بن المعروف بابن أبي الأحوص الجياني ثم الغرناطي "المتوفى بها سنة تسع وسبعين وستمائة" وهو شيخ أبي حيان في الحديث والتفسير وغيرهما. "الطهطاوي" [5] وصوابه "أبو الحسن بن الضائع" بالضاد المعجمة والعين المهملة فإن هذا هو شيخ أبي حيان وهو أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن يوسف الكتامي الإشبيلي المعروف بابن الضائع شارح كتاب سيبويه "المتوفى سنة ثمانين وستمائة" وأما ابن الصائغ بالصاد المهملة والغين المعجمة فهو تلميذ أبي حيان وهو شمس الدين محمد بن عبد الرحمن بن علي الزمرذي المصري شارح ألفية ابن مالك "المتوفى سنة ست وسبعين وسبعمائة" "الطهطاوي".