نام کتاب : رجال المعلقات العشر نویسنده : الغلاييني، مصطفى جلد : 1 صفحه : 9
على أن أميتهم وإن لم تقف في تيار نهضتهم فقد نشأ عنها - لعدم الرابطة بين القبائل المتنائية - اضطراب في اللغة: لتعدد الأوضاع، واختلاف اللهجات، وغير ذلك مما دعا أولي الرأي منهم أن يفكروا في توحيد اللسان العام وتهذيبه. فأقاموا لذلك أسواقا أشبه بالمؤتمرات اللغوية، بثوا فيها وحدته - كما قدمنا - فكانت لغة (قريش) فارس الحلبة، وصاحبة الغلب. ولولا (عكاظ) ونظائرهم لم يكن ذلك أمرا ميسورا.
النظم والنثر فيه
كان للشعر في عصر الجاهلية أسمى المنازل وأشرف الدرجات، لأنه ديوان علومهم وحكمهم، وشاهد صوابهم وخطأهم، والضابط لأيامهم وأنسابهم. وقد كان الشاعر صاحب الكلمة، يعز من يشاء ويذل من يشاء بيده الأمر والنهي، وإليه الحل والعقد.
وكانت القبائل يهنئ بعضهم بعضا إذا نبع فيهم شاعر. وتقام لذلك الولائم والأفراح.
وكان الشاعر يقول الشعر طبعا من غير تكلف، وسهلا من غير تعسف. إلا إذا تعمد ذلك كزهير، فقد كان لا ينشد بعض قصائده حتى يحول عليها الحول. كما سترى ذلك في الكلام على شعره، إن شاء الله.
وقد طرق الشعراء في هذا العصر أبوابا كثيرة كالمدح والهجاء والفخر والحماسة وضرب الأمثال. فصاغوا ذلك كله في قالب الإجادة والإبداع.
وكانوا يأبون الإجازة عليه حتى جاء (النابغة الذبياني) و (زهير) و (الأعشى) فقبلوها. وكان أول من سنها (النابغة) . فأنفت الناس من قول الشعر بعض الأنفة. إلا أن ذلك لم يحط من قدره لقلة من فعل ذلك من الشعراء في الجاهلية.
ونهضة الشعر في هذا العصر تتناول مئة وخمسين (150) سنة. يمتاز فيها برسم الحقيقة رسما ناطقا، ووصف الشيء على علاته، وبيانه على طبيعته.
وأجود ما قيل فيه المعلقات. وصفوة فحوله شعراؤها.
أما الكلام المنثور فقد كان لهم فيه اليد الطولى كالمنظوم. ما بين مسجع ومرسل. وقد أثر عنهم منه شيء كثير مما يعلق بالضمير لنفاسته كالأمثال والحكم والوصايا والخطب.
فالمثل جملة مقتطعة من القول أو مرسلة تنقل عما وردت فيه إلى مشابهه من غير تغيير. كقولهم: "الصيف ضيعت اللبن".
والحكمة هي قول موافق للحق مصون عن الحشو. كقوله: "المرء بأصغريه قلبه ولسانه".
والفرق بينهما أن المثل لا بد فيه من واقعة حال قيلت فيه الجملة.
والخطبة جملة من القول يراد بها الترغيب فيما ينفع، والتنفير مما يضر. وربما حوت فخرا أو غيره.
ومثلها الوصية إلا أن الخطب تكون في المجامع والمواسم، والوصية لا تكون إلا من مثل شخص لعشيرته أو ولده أو لدى الانتقال من حال إلى حال.
الكتابة فيه
يجهل التاريخ تحديد الزمن الذي ابتدئ فيه باستعمال الخط العربي. غير أنه يرجح أن أول من كتب بالعربية اليمنيون أصحاب (هود) عليه السلام. وكان خطهم يسمى (المسند) يكتبونه حروفا منفصلة - كما يكتب الإفرنج لغتهم - ويحظرون على العامة تعلمه. على أن ثلاثة من (طيء) تمكنوا من ذلك. فاقتطعوا منه خطا سموه (الجزم) وعلموه أهل (الأنبار) . وعن هؤلاء أخذه أهل (الحيرة) وتداولوه. فلما قدم (حرب بن أمية) جد (معاوية بن أبي سفيان) إلى (الحيرة) نقله إلى مكة ونشره في (الحجاز) .
علوم العرب في جاهليتها
تقدم تقسيم العرب إلى (بائدة) و (غيرها) فغير البائدة هم الذين تفرعوا من (عدنان) و (قحطان) . أما (القحطانيون) فهم عرب (اليمن) . وقد كانوا على حظ عظيم من العلوم والآداب، وقدم راسخة في المدينة، وأصل عريق في الحضارة، وحكومات شوروية منظمة. وقد استولوا على كثير من البلاد والعباد. وقد ذكر القرآن الكريم شيئا من سياستهم الدولية كالتي كانت بين مملكة (فلسطين) ومملكة (سبأ) . وقد ذكر ما كتب به (سليمان) عليه السلام إلى (بلقيس) ، وما اشتغلت به من التدبير والمشورة، وإرسال الهدية لاستطلاع ما عسى أن يكون من الأمر. وذلك قوله تعالى حكاية عنهما: "إذهب بكتابي هذا، فألقه إليهم، ثم تول عنهم، فانظر ماذا يرجعون. قالت يا أيها الملأ أفتوني في أمري، ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون". إلى آخر القصة.
نام کتاب : رجال المعلقات العشر نویسنده : الغلاييني، مصطفى جلد : 1 صفحه : 9